الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

ساموا

ساموا

ساموا

تتألق مجموعة جزر ساموا الفاتنة في مياه المحيط الهادئ الزرقاء الدافئة،‏ وتقع في منتصف المسافة تقريبا بين هاواي ونيوزيلندا.‏ صحيح انها وليدة ثورانات بركانية كبيرة،‏ لكنها جواهر رائعة الجمال اذ تكلل الغيوم قممها وتكسو الغابات المدارية الخضراء ربوعها وتصطف اشجار النخيل على طول شواطئها.‏ اما البحيرات الشاطئية الضحلة المتلألئة،‏ التي تضم نحو ٢٠٠ نوع من المرجان و٩٠٠ نوع من الاسماك،‏ فهي مورد غذائي هام لهذه الجنائن الفردوسية العائمة في المحيط.‏ فلا عجب ان الارساليات الاوروبية الباكرة وصفت هذه الجزر،‏ التي تعبق بأريج الياسمين الهندي،‏ بأنها اجمل ما رأت عيونهم في المحيط الهادئ الجنوبي.‏

يبدو انه قبل المسيح بحوالي ألف سنة،‏ كان الشعب المدعو «لاپيتا» اول مَن استوطن جزر ساموا.‏ * فهؤلاء البولينيزيون الاوائل كانوا مستكشفين شجعانا وبحّارة ماهرين،‏ ومن الواضح انهم هاجروا الى المحيط الهادئ منطلقين من جنوب شرق آسيا.‏ فراحوا يبحرون باتجاه الرياح والتيارات البحرية في قوارب مزدوجة كبيرة،‏ ويعبرون مسافات لم يسبق ان عبرها احد من قبل.‏ فاكتشفوا في اواسط المحيط الهادئ مجموعة صغيرة من الجزر اطلقوا عليها اسم ساموا.‏

وعلى مر الوقت،‏ انتشر المتحدرون منهم شرقا عبر المحيط الهادئ فبلغوا تاهيتي،‏ ومن ثم هاواي الى الشمال،‏ ونيوزيلندا الى الجنوب الغربي،‏ وجزيرة الفصح الى الجنوب الشرقي.‏ واليوم،‏ فإن هذه المنطقة الكبيرة المثلّثة الشكل تدعى بولينيزيا،‏ كلمة تعني «الجزر الكثيرة»،‏ ويدعى سكانها بولينيزيين.‏ لذلك يقولون ان ساموا هي «مهد بولينيزيا».‏

في الازمنة العصرية يقوم افواج من السامويين الشجعان برحلة اهم بكثير.‏ وعلى غرار اسلافهم عابري المحيطات،‏ يسعون وراء حياة افضل.‏ لكن «رحلتهم» ليست جغرافية،‏ بل هي انتقال من الظلمة الروحية الى النور الروحي بحثا عن العبادة التي ترضي الإله الحقيقي يهوه.‏ —‏ يو ٤:‏٢٣‏.‏

ان هذه الرواية ستخبر عن تاريخ شهود يهوه في ساموا * وساموا الاميركية وتوكيلاو.‏ لقد اصبحت ساموا الغربية دولة مستقلة سنة ١٩٦٢،‏ اما ساموا الاميركية فهي مقاطعة تابعة للولايات المتحدة.‏ وهكذا تنقسم مجموعة جزر ساموا الى وحدتين منفصلتين:‏ ساموا وساموا الاميركية.‏

نور الحق يسطع

وصلت بشارة ملكوت اللّٰه اولا الى ساموا سنة ١٩٣١ عندما وزع احد زائريها اكثر من ٤٧٠ كتابا وكراسا للمهتمين في كل ارجائها.‏ وعلى الارجح كان هذا الزائر سيدني شِپِرد،‏ شاهد غيور ابحر خلال تلك الفترة تقريبا في انحاء مختلفة من بولينيزيا ونشر البشارة.‏

وبعد سبع سنوات وصلت رسالة الملكوت الى ساموا الاميركية حين نزل ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ من المركز الرئيسي لشهود يهوه في بروكلين بنيويورك،‏ في جزيرة توتويلا اثناء سفره بحرا من اوستراليا الى الولايات المتحدة.‏ ففي هذه المحطة التي توقف فيها قليلا،‏ انتهز هو ورفقاؤه الفرصة ليوزعوا المطبوعات في ارجاء مدينة ومرفإ پاڠو پاڠو.‏

ثم بعد سنتين،‏ عام ١٩٤٠،‏ وصل الى ساموا الاميركية هارولد ڠيل،‏ الذي خدم كفاتح في منطقة آسيا-‏المحيط الهادئ.‏ وحمل معه ٥٠٠‏,٣ نسخة من كراس اين هم الموتى؟‏،‏ اول مطبوعة ترجمها شهود يهوه الى الساموية.‏ *

ومن ثم ابحر هارولد الى جزيرة اوپولو في ساموا،‏ رحلة تستغرق ما بين ثماني وعشر ساعات بالمركب.‏ كتب لاحقا:‏ «سبقتني اخباري الى هناك.‏ وما ان وصلت حتى قال لي احد رجال الشرطة بأنه لا يُسمح لي بالنزول الى الجزيرة.‏ لذا اريته جواز سفري وقرأت عليه المقدمة التي تطلب من جميع المعنيين بالامر السماح لحامل الجواز الذي هو احد رعايا صاحب الجلالة البريطاني ‹بالمرور دون اي عائق ومنحه المساعدة والحماية›.‏ فحظيت بمقابلة الحاكم الذي سمح لي بالبقاء حتى يبحر المركب التالي بعد خمسة ايام.‏ فاستأجرت دراجة لأتجوّل في الجزيرة،‏ ووزعت الكراريس في كل مكان».‏

بعد الحملة الكرازية الناجحة التي قام بها هارولد في الجزر الساموية،‏ كان عليه ان يعود ادراجه الى اوستراليا.‏ لكن احدى المطبوعات التي وزعها وقعت اخيرا في يدَي موظف في احد المكاتب يدعى پيليه فْوايوپولو.‏ * والرسالة المتضمَّنة في الكراس لم تبرح قلبه،‏ منتظرة عودة الشهود من اجل سقي الحقائق الثمينة التي غُرست فيه.‏ —‏ ١ كو ٣:‏٦‏.‏

وسنة ١٩٥٢،‏ اي بعد مرور ١٢ سنة،‏ وصل شاهد من انكلترا اسمه جون كروكسفورد الى مدينة آپيا،‏ عاصمة ساموا،‏ في جزيرة اوپولو.‏ وهناك عمل في المكتب نفسه مع پيليه.‏ وقد كان رجلا ودودا وغيورا في الكرازة للآخرين.‏ فبادر الى زيارة پيليه في بيته حين لاحظ اهتمامه بالكتاب المقدس.‏ كتب پيليه:‏ «استمر حديثنا حتى ساعات الصباح الباكرة من يوم الاحد.‏ طرحت عليه الكثير من الاسئلة،‏ وكانت كل اجوبته من الكتاب المقدس.‏ فاقتنعت تماما بأن هذا هو الحق الذي كنت ابحث عنه».‏ وفي وقت لاحق من تلك السنة،‏ صار پيليه وزوجته آيلُوَا اول من ينذر حياته ليهوه ويعتمد في الجزر الساموية.‏

كان پيليه يعلم ان عليه ان يوضح سبب تخليه عن دين اجداده.‏ فدرس بجدّ وصلى بحرارة طلبا لمساعدة يهوه.‏ ولما استدعاه كبير زعماء العائلة الى اجتماع في فَلاسِيو،‏ قرية پيليه التي هي قرية ساحلية تبعد ١٩ كيلومترا غرب آپيا،‏ واجه هو وأحد اقربائه المهتمين بالحق مجموعة عدائية من ستة زعماء،‏ ثلاثة خطباء،‏ عشرة قسوس،‏ استاذين في اللاهوت،‏ كبير الزعماء الذي كان يشرف على الجلسة،‏ ورجال ونساء مسنين في العائلة.‏

يتذكر پيليه:‏ «لقد لعنونا وأدانونا لأننا جلبنا العار على اسم العائلة وكنيسة اجدادنا».‏ ثم اقترح كبير الزعماء اجراء مناقشة لم تنته حتى الساعة الرابعة فجرا.‏

يقول پيليه:‏ «كان البعض يصرخون:‏ ‹أَبعد هذا الكتاب المقدس!‏ اترك هذا الكتاب المقدس!‏›،‏ ومع ذلك اجبت عن كل اسئلتهم من الكتاب المقدس وتمكنت من دحض حججهم.‏ وأخيرا لم ينبس احد منهم بكلمة ونكسوا رؤوسهم.‏ ثم قال كبير الزعماء بصوت ضعيف:‏ ‹ربحت،‏ يا پيليه›».‏

لكنَّ پيليه اجاب كبير الزعماء:‏ «عفوا،‏ سيدي،‏ لم اربح.‏ هذه الليلة سمعتم رسالة الملكوت.‏ ورجائي المخلص هو ان تصغوا اليها».‏

وهكذا،‏ باتكال پيليه بتواضع على يهوه وكلمته الكتاب المقدس ابتدأت بذار حق الملكوت تنمو في اوپولو.‏

الاجتماعات الباكرة

انتشرت الاخبار بسرعة عن دين پيليه الجديد في مجتمع هذه الجزيرة المترابط.‏ وكالاثينويين الذين كرز لهم بولس في القرن الاول،‏ كان البعض فضوليين بشأن هذا «التعليم الجديد» وأرادوا ان يعرفوا المزيد.‏ (‏اع ١٧:‏١٩،‏ ٢٠‏)‏ على سبيل المثال،‏ علم شاب اسمه مأَتوسي لِيَواني ان المهتمين بالدين الجديد يجتمعون في بيت احد الاطباء في حرم المستشفى وقرر ان يستعلم عن الامر.‏ إلا انه شعر بتوتر شديد عند وصوله الى باب المستشفى واستدار ليرحل.‏ لكن جون كروكسفورد وصل في الوقت المناسب ودعاه الى الانضمام الى الفريق الصغير المجتمع في تلك الليلة.‏ وفرح مأَتوسي بدرس كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»،‏ ورغب في المجيء ثانية.‏ صحيح انه في البداية كان يحضر الاجتماعات بشكل متقطع،‏ غير ان الحق ترسخ اخيرا في قلبه واعتمد سنة ١٩٥٦.‏

وسرعان ما رأى الجدد الذين يعاشرون الفريق اهمية إخبار الآخرين بما تعلّموه.‏ وفي غضون خمسة اشهر فقط منذ وصول الاخ كروكسفورد الى آپيا،‏ انضم اليه عشرة اشخاص في عمل الكرازة.‏ وبعد اربعة اشهر ازداد العدد الى ١٩.‏ وقد اسفرت شهادة هؤلاء الجدد لأصدقائهم وأقربائهم عن نتائج جيدة.‏

مثلا،‏ قدَّم احد هؤلاء الناشرين الشهادة لسَوڤاو طوتو،‏ نسيب له يقطن في فَلاسِيو.‏ وبعد مدة،‏ ابتدأ سَوڤاو وصهره فيناو فيومايِيا يحضران الاجتماعات مع عائلتيهما واتخذا موقفهما الى جانب الحق.‏

في كانون الثاني (‏يناير)‏ سنة ١٩٥٣،‏ شهدت العبادة الحقة حدثا بارزا في ساموا.‏ فبما ان عدد حضور الاجتماعات بلغ حوالي ٤٠ شخصا في ذلك الوقت،‏ وافق مكتب فرع شهود يهوه في اوستراليا على تشكيل اول جماعة في ساموا،‏ بمدينة آپيا.‏ ولاحقا،‏ حين عاد الاخ كروكسفورد الى انكلترا،‏ اخذ پيليه المعتمد حديثا القيادة في الجماعة.‏ ومع ان الناشرين تحلوا بالشجاعة والغيرة،‏ فقد كانوا حديثي الايمان وبحاجة الى مزيد من الخبرة.‏ فلزم كثيرين ان يتعلموا كيف يقدِّمون رسالة الملكوت بطريقة مشوقة ويكونون اكثر لباقة.‏ (‏كو ٤:‏٦‏)‏ كما احتاج آخرون الى المساعدة على لبس الشخصية الجديدة بشكل اكمل.‏ (‏اف ٤:‏٢٢-‏٢٤‏)‏ والمفرح ان هذه المساعدة اتت بسرعة.‏ —‏ اف ٤:‏٨،‏ ١١-‏١٦‏.‏

المساعدة من وراء البحار

في ايار (‏مايو)‏ سنة ١٩٥٣،‏ وصل رونالد وأولِڤ (‏دوللي)‏ سيلارز،‏ زوجان فاتحان من اوستراليا،‏ لتقديم المساعدة في جماعة آپيا.‏ يكتب رون:‏ «قلق فرع اوستراليا على الاخوة في ساموا حين انقطع الاتصال بينهم فترة من الوقت.‏ وبما اننا كنا قد اعربنا عن رغبتنا في الخدمة في جزر المحيط الهادئ،‏ طُلب منا ان نذهب الى ساموا ونخدم كفاتحين خصوصيين في الجماعة المشكلة حديثا».‏

سافر رون ودوللي الى ساموا بالطائرة المائية بعد ان استعدا ذهنيا للصعوبات التي تنشأ غالبا في التعيينات الارسالية البعيدة.‏ يذكر رون:‏ «يا للمفاجأة التي كانت في انتظارنا!‏ فالجزيرة كانت مكسوة بالنباتات المدارية النضرة.‏ وكيفما التفتنا رأينا اناسا سعداء،‏ وجههم بشوش،‏ وبنيتهم سليمة وقوية.‏ اما الاولاد فكانوا يمرحون حول بيوت مفتوحة الجوانب،‏ ذات سقوف من القش وأرضيات مفروشة بكِسَر المرجان البراقة.‏ ولا احد يقلق بشأن الوقت او يشعر انه على عجلة من امره.‏ فبدا لنا اننا في الفردوس».‏

وما ان وجد الاخ سيلارز وزوجته مكانا لهما عند عائلة پيليه حتى شرعا في العمل.‏ يقول رون:‏ «كنت كل ليلة تقريبا اجتمع مع الاخوة لأجيب عن اسئلتهم الكثيرة.‏ ورغم انهم كانوا يعرفون عقائد الكتاب المقدس الاساسية،‏ سرعان ما ادركت انهم يحتاجون الى صنع تغييرات عديدة من اجل بلوغ المقاييس الالهية.‏ ولمساعدتهم خلال تلك الفترة العصيبة،‏ حاولنا انا ودوللي ان نكون صبورين جدا معهم ونعرب لهم عن المحبة اكثر من المعتاد».‏ ولكن من المؤسف ان البعض رفضوا هذا الاصلاح الحبي المؤسس على الاسفار المقدسة وابتعدوا تدريجيا عن الجماعة.‏ وبالمقابل،‏ اظهر آخرون روحا متواضعة وتجاوبوا مع التدريب والتشجيع.‏ ومع الوقت تقدَّموا روحيا،‏ مما اسفر عن تمحيص الجماعة وتقويتها.‏

اخذ رون ودوللي المبادرة في عمل الشهادة من بيت الى بيت.‏ فقد كان معظم الاخوة حتى ذلك الحين لا يشهدون إلا بطريقة غير رسمية للأصدقاء والجيران.‏ اما الآن فعندما اشتركوا مع عائلة سيلارز في الكرازة من باب الى باب،‏ وجدوا الكثير من المهتمين.‏ يكتب رون:‏ «ذات مرة،‏ دُعينا الى قرية احد الزعماء المهتمين لنخبره المزيد عن الملكوت.‏ وبعد تناول الطعام،‏ دارت بيننا مناقشة حيوية من الكتاب المقدس.‏ ثم بعد مرور ساعة،‏ تحولت المناقشة الى خطاب عام اذ بلغ عدد الحاضرين ٥٠ شخصا تقرييا،‏ وذلك دون ان نعلن عنه».‏ وغالبا ما وجد الناشرون ان عقد درس في الكتاب المقدس مع شخصين او ثلاثة يجذب من ١٠ الى ٤٠ آخرين دفعهم الفضول الى المجيء ليعرفوا عن عمل شهود يهوه.‏

لكن هذا النشاط لفت نظر رجال دين العالم المسيحي.‏ فعندما رفضت السلطات تمديد اقامة رون ودوللي،‏ ذهب رون الى المسؤول ليستعلم عن السبب.‏ يذكر رون:‏ «لقد اخبرَنا ان بعض رجال الدين قدَّموا شكوى الى الحكومة ضد عمل شهادتنا.‏ لذا،‏ لا يمكنه ان يمدد تأشيرتنا إلا اذا وعدناه ان نكف عن مساعدة الجماعة في عمل الكرازة.‏ فرفضت ذلك وقلت له انه ما من احد يستطيع ان يوقف عمل اللّٰه،‏ امر يحسن به ان يعرفه.‏ فأجاب ضاحكا:‏ ‹سنرى ماذا سيحدث عندما ترحل›».‏

ومن ذلك الحين فصاعدا حرصت السلطات على منع الشهود الاجانب من دخول البلد.‏ لكن الاخ ثيودور جارس،‏ الذي كان يخدم آنذاك في مكتب فرع اوستراليا واليوم هو عضو في الهيئة الحاكمة،‏ دخل سنة ١٩٥٣ الى ساموا دون ان يلفت الانظار.‏ وقد كان يهدف بهذه الزيارة تشجيع الجماعة.‏ يقول رون:‏ «اعطتنا زيارته دفعا قويا وأكدت لنا اننا نسلك المسار الصحيح مع هيئة يهوه».‏

بُعيد انتهاء مدة تأشيرة رون ودوللي انتقلا الى ساموا الاميركية.‏ غير انهما خلال الثمانية اشهر التي قضياها في ساموا انجزا الكثير لتثبيت وتقوية الاخوة هناك.‏ وسرعان ما اتى شهود آخرون وحلُّوا محلهما دون ان تعلم السلطات بذلك.‏

تقدُّم العمل في آپيا

في ايار (‏مايو)‏ سنة ١٩٥٤،‏ وصل الى آپيا ريتشارد جِنكنز،‏ اوسترالي غيور عمره ٢٣ سنة كان قد اعتمد حديثا.‏ يروي قائلا:‏ «قبل ان اغادر اوستراليا،‏ نُصحت ألا اعاشر الاخوة المحليين الى ان اؤسس عملا دنيويا.‏ ولكن،‏ بعد عدة اشهر،‏ بتّ اشعر اني وحيد وضعيف روحيا.‏ لذا قررت ان اقابل پيليه فْوايوپولو متوخيا الحذر».‏ وهكذا،‏ التقى الاثنان في وقت متأخر من الليل تحت جنح الظلام.‏

يذكر ريتشارد:‏ «قال لي پيليه انه لن يستخدم اسمي الحقيقي لئلا تشك السلطات ان لي صلة بالجماعة ويطردوني من البلد.‏ فأطلق علي اسم طفله المولود حديثا ويتينيس،‏ اللفظة الساموية لكلمة ‹witness›.‏ وحتى هذا اليوم لا يزال الاخوة والاخوات السامويون ينادونني بهذا الاسم».‏

وهكذا استمر ريتشارد يقابل الاخوة بحذر تحت هذا الاسم المستعار.‏ كما قدَّم الشهادة بطريقة غير رسمية وابتدأ يعقد عدة دروس في الكتاب المقدس.‏ وأحد هؤلاء التلاميذ شاب اسمه موفاولو ڠالوڤاو يعمل كمفتش في القطاع الصحي،‏ وقد صار لاحقا عضوا في لجنة الفرع في ساموا.‏ وكذلك اصبح تلميذ آخر يدعى فاليمايا تُوِيپولُوَا شاهدا ليهوه هو وعدة افراد من عائلته.‏

ومن التلاميذ الذين درس معهم ريتشارد ايضا سِيِيمو تآسي،‏ شاب كان زعيم عصابة من اللصوص نفَّذت عملية سرقة في وزارة الاشغال العامة.‏ ولكن بُعيد ابتدائه بدرس الكتاب المقدس،‏ سُجن بسبب جناياته السابقة.‏ غير ان ذلك لم يثنِ عزم ريتشارد،‏ بل تمكن من الحصول على اذن من حارس السجن كي يتابع الدرس مع سِيِيمو تحت ظل شجرة منغا تبعد نحو ١٠٠ متر عن جدران السجن.‏ ومع الوقت،‏ انضم اليه عدة سجناء آخرين في الدرس.‏

يذكر ريتشارد:‏ «مع اننا كنا دون حراسة،‏ لم يحاول اي من السجناء الهرب،‏ حتى ان البعض منهم قبلوا الحق».‏ ثم بعد اطلاق سراح سِيِيمو من السجن خدم كشيخ في الجماعة.‏

وسنة ١٩٥٥،‏ تزوج ريتشارد من فاتحة اوسترالية تدعى ڠلوريا ڠرين،‏ ومعا قضيا ١٥ سنة في ساموا.‏ وقد ساعدا ٣٥ شخصا على تعلم الحق قبل عودتهما الى اوستراليا.‏ وهما الآن يعيشان في بريزبَين،‏ اوستراليا،‏ حيث يخدم ريتشارد كشيخ في الجماعة المحلية التي تتكلم اللغة الساموية.‏

وقد قدَّم المساعدة ايضا في تلك السنوات الباكرة وليَم (‏بيل)‏ ومارجوري (‏ڠيرلي)‏ موس،‏ زوجان اوستراليان آخران اتيا الى آپيا سنة ١٩٥٦.‏ كان بيل شيخا يتميز بطريقة تفكير عملية،‏ وڠيرلي فاتحة لديها ٢٤ سنة من الخبرة في الخدمة.‏ في ذلك الوقت،‏ كانت جماعة آپيا تضم ٢٨ ناشرا يشكلون فريقين لدرس الكتاب،‏ احدهما في آپيا والآخر في فَلاسِيو.‏ وطوال السنوات التسع التالية،‏ عمل بيل وڠيرلي دون كلل مع الجماعة.‏ وحين اضطرا ان يعودا الى اوستراليا سنة ١٩٦٥ بسبب صحة ڠيرلي المتدهورة كان الفريق في فَلاسِيو قد اصبح جماعة.‏

خلال تلك السنوات،‏ رفضت الحكومة الساموية مرارا وتكرارا الطلبات التي قُدِّمت من اجل السماح للمرسلين بدخول البلد.‏ فمن الواضح انها ورجال الدين كانوا يأملون القضاء على شهود يهوه.‏ لكن النتيجة اتت عكسية،‏ اذ ازداد عدد الشهود وباتوا اكثر فعالية وغيرة.‏ فقد كانوا سيبقون هناك على الدوام.‏

تقدُّم العمل في ساموا الاميركية

قبل انتهاء مدة التأشيرة التي خوَّلت عائلة سيلارز البقاء في ساموا،‏ قرر رون ان يقدِّم طلب اقامة في ساموا الاميركية بدل العودة الى اوستراليا.‏ يكتب رون:‏ «حين ذهبت الى النائب العام في ساموا الاميركية،‏ وعلم ان حكومة ساموا رفضت منحنا تأشيرة دخول لأننا من شهود يهوه،‏ قال:‏ ‹يا سيد سيلارز،‏ ان ساموا الاميركية تسمح بالحرية الدينية،‏ لذا سأحرص ان تحصل على تأشيرة دخول›».‏

في ٥ كانون الثاني (‏يناير)‏ سنة ١٩٥٤،‏ وصل رون ودوللي الى پاڠو پاڠو في ساموا الاميركية.‏ وكشرط للإقامة في البلد،‏ طلب النائب العام من رون ان يأتي الى مكتبه بانتظام كي يتعرف بشهود يهوه بشكل افضل.‏ وهكذا تمتعا بعدة مناقشات روحية رائعة.‏

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر،‏ تلقّى رون ودوللي دعوة الى العشاء في منزل النائب العام.‏ وبما ان الكاهن الكاثوليكي المحلي وقس الجمعية الارسالية اللندنية كانا مدعوين ايضا،‏ دارت مناقشة حيوية من الكتاب المقدس.‏ يتذكر رون:‏ «في نهاية السهرة شكر النائب العام الجميع على حضورهم وقال:‏ ‹اعتقد ان السيد والسيدة سيلارز قد انتصرا في المناقشة هذه الليلة›.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى حصلنا على تأشيرة اقامة دائمة.‏ وعندما اخبرنا النائب العام ان الحكومة ترحب بالطلبات التي يقدِّمها المرسلون من اجل دخول البلد،‏ بلَّغتُ مكتب فرع اوستراليا بذلك على الفور».‏

كان والِسي (‏والاس)‏ پيدرو البالغ من العمر ١٩ سنة اول من نذر حياته ليهوه في ساموا الاميركية،‏ وهو توكيلاوي بالولادة.‏ فقريبته ليديا پيدرو،‏ فاتحة خصوصية في فيجي،‏ كانت قد تركت نسخة من كتاب ‏«ليكن اللّٰه صادقا»‏ مع اخيه الاكبر عندما زارت البلد سنة ١٩٥٢.‏ وهكذا وجد والاس الكتاب في بيت اخيه ودرسه بتعمق.‏

حين التقى رون ودوللي عائلة پيدرو سنة ١٩٥٤،‏ درسا مع اخي والاس الاكبر وأخته.‏ اما والاس فمع انه آمن بيهوه اللّٰه،‏ كان في البداية حذرا من الانضمام إليهما في الدرس بسبب عدم ثقته بالدين.‏ ولكن بمرور الوقت،‏ اقتنع ان شهود يهوه على حق وابتدأ يحضر الاجتماعات بانتظام في فاڠاتوڠو.‏ فأحرز تقدُّما روحيا سريعا واعتمد في ٣٠ نيسان (‏ابريل)‏ سنة ١٩٥٥ في ميناء پاڠو پاڠو.‏

وبحلول كانون الثاني (‏يناير)‏ سنة ١٩٥٥،‏ بعد سنة واحدة فقط من وصول رون ودوللي،‏ كان سبعة اشخاص يحضرون الاجتماعات في بيتهما المتواضع في فاڠاتوڠو.‏ ولأنه كان مجهزا بالقليل جدا من الاثاث،‏ اضطر الجميع ان يجلسوا على الارض.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى اصبح ثلاثة من الجدد يرافقون رون ودوللي في خدمة الحقل.‏ لقد كان ذلك يوم البدايات الصغيرة،‏ لكن تطورات رائعة كانت تكمن امامهم.‏

وصول مرسلي جلعاد

في ٤ شباط (‏فبراير)‏ سنة ١٩٥٥،‏ وصل من الولايات المتحدة الى ساموا الاميركية زوجان من المرسلين هم پول وفرانسيس إيڤانز،‏ وڠوردن وپاتريشا سكوت.‏ وسكنوا في فاڠاتوڠو في بيت المرسلين الذي يشرف على محيط نابض بالحيوية.‏ يصف المشهد ليونارد (‏لِن)‏ هلبرڠ ناظر الدائرة الذي زار پاڠو پاڠو تلك السنة،‏ قائلا:‏

‏«كان بيت المرسلين شقة سكنية كبيرة فوق متجر عام قديم.‏ وقرب احد جانبيه نهر صغير أُقيمت على ضفته المقابلة حانة يجتمع فيها البحارة في الامسيات طلبا للتسلية.‏ وأحيانا تعلو صيحات المتشاجرين في الحانة لتصل الى الشارع.‏ فيأتي قائد الشرطة،‏ رجل قوي جدا رغم قصر قامته،‏ ويشق طريقه بصعوبة بين الجمع،‏ ضاغطا بأسنانه على سيجاره ومسددا ضرباته الى اليمين وإلى اليسار ليقمع الوضع.‏ ومن جهة الفناء الخلفي للبيت،‏ تُسمع من الكنيسة عظات تهدد الناس بنار الهاوية.‏ ومن الشرفة الامامية،‏ تُرى جموع من الناس تحتشد حول المصرف مرة كل شهر يوم دفع الرواتب.‏ كما يأتي مرسلو الكنائس من كل انحاء الجزيرة،‏ ويبحثون بجنون بين الجموع عن اعضاء الكنيسة ليجمعوا منهم العشور قبل ان ينفقوا رواتبهم».‏

خلق هذا المحيط الناشط جوا ملائما للاهتمام بالامور الروحية.‏ يروي لِن:‏ «كان احد المرسلين يبدأ يومه عند الساعة السادسة فجرا بعقد درس في الكتاب المقدس في محل حلاقة مقابل بيت المرسلين قبل ان يباشر صاحب المحل عمله.‏ ومن ثم يدرس مع خبّاز محلي قبل ان يأتي بالخبز الى البيت من اجل تناول الفطور.‏ وفي وقت لاحق من ذلك اليوم،‏ يدرس هذا الاخ في ساحة المدينة مع فريق من السجناء في السجن المحلي».‏ وهكذا بحلول نهاية السنة،‏ كان المرسلون يعقدون نحو ٦٠ درسا في الكتاب المقدس مع اكثر من ٢٠٠ شخص.‏

‏«هذه الليلة،‏ عرض مجاني لفيلم»‏

احد اسباب ازدياد عدد المهتمين كان فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏ * انه اول فيلم اصدرته الهيئة منذ اعدت «رواية الخلق المصوَّرة» قبل نحو ٤٠ سنة.‏ وقد ألقى الضوء على عمل الكرازة والطباعة العالمي،‏ وأظهر كيفية تنظيم شهود يهوه.‏ وسنة ١٩٥٥،‏ خلال زيارة لِن لساموا الاميركية التي دامت اربعة اسابيع عَرض الفيلم ١٥ مرة،‏ وكان مجموع الذين شاهدوه ٢٢٧‏,٣ شخصا،‏ بمعدل ٢١٥ شخصا كل مرة.‏

يتذكر لِن:‏ «قبل كل عرض،‏ كنا نعلن عن الفيلم حين نجوب القرى ونوزع الكراسات على كل مَن نلتقيه وفي نفس الوقت نصرخ بصوت عال:‏ ‹هذه الليلة،‏ عرض مجاني لفيلم›،‏ ونذكر ايضا اسم القرية التي سيُعرض فيها».‏

ترك الفيلم اثرا بالغا في الناس.‏ فبعد كل عرض اراد المشاهدون ان يعرفوا المزيد عن شهود يهوه وتعاليمهم.‏ ولم يسَع الكثير من المهتمين الانتظار حتى يعود الشهود لزيارتهم،‏ بل اتوا فورا الى بيت المرسلين حيث كان المرسلون يعقدون عدة دروس في نفس الوقت في نواحٍ مختلفة من البيت.‏ وما إن يغادر فريق من هؤلاء التلاميذ حتى يحل محله فريق آخر.‏ يتذكر رون سيلارز:‏ «لسنين كثيرة ظل الناس يقرنون شهود يهوه بالامور الرائعة التي شاهدوها في هذا الفيلم».‏

الكرازة الدؤوبة تبلغ القلوب

بعد شهرين من زيارة لِن هلبرڠ الى البلد،‏ تشكلت في قرية فاڠاتوڠو اول جماعة لشهود يهوه في ساموا الاميركية.‏ وفي غضون سنة،‏ ازداد عدد الناشرين في الجماعة من ١٤ الى ٢٢.‏ وفي تلك الاثناء،‏ وصل فْرِد وشيرلي ويڠنر،‏ فاتحان خصوصيان آخران من اوستراليا،‏ لمساعدة هذه الجماعة الجديدة.‏ والآن يخدم فْرِد كعضو في لجنة البلد في ساموا.‏

كان هؤلاء الناشرون والفاتحون والمرسلون ‹متقدين بالروح›.‏ (‏رو ١٢:‏١١‏)‏ يكتب لِن:‏ «بحلول اواسط ستينات القرن العشرين،‏ كان يُعقد درس في الكتاب المقدس بين الحين والآخر في كل بيت من بيوت قرية فاڠاتوڠو،‏ وذلك بسبب كرازة الناشرين الدؤوبة واهتمام الناس الكبير بالكتاب المقدس.‏ وفي تلك السنوات،‏ كان الشهود ايضا يزورون كافة بيوت الجزيرة كل شهر».‏

تركت هذه الحملة الكرازية الواسعة اثرا كبيرا في طريقة تفكير السكان المحليين حول مواضيع من الكتاب المقدس.‏ يقول لِن:‏ «صار معروفا بين الناس ان الحياة الابدية ستكون على الارض،‏ ونار الهاوية لا وجود لها،‏ والاموات هم في حالة عدم وعي.‏ وهذه الحقائق الاساسية لم يتعلموها من الكنيسة بل من شهود يهوه.‏ هذا لأننا كنا نتكلم معهم شخصيا ونحاجّهم من كتبهم المقدسة».‏

رغم ذلك،‏ حالت الروابط العائلية والدينية دون ان يعمل معظمهم وفق ما تعلّموه.‏ وفضّل آخرون الانحطاط الادبي الذي تتساهل بشأنه الكنائس على المقاييس الادبية السامية المطلوبة من المسيحيين الحقيقيين.‏ ولكن وُجد هنالك افراد مستقيمو القلوب.‏ فكالتاجر الجائل في مَثل يسوع،‏ اعتبروا الحق لؤلؤة عظيمة القيمة وتمسكوا به.‏ وكثيرون من سكان الجزر المخلصين هؤلاء اتخذوا بشجاعة موقفا ثابتا الى جانب الحق.‏ —‏ مت ١٣:‏٤٥،‏ ٤٦‏.‏

احترام العادات الساموية اثناء الكرازة

تقول كارولين پيدرو،‏ فاتحة من كندا تزوجت والاس پيدرو سنة ١٩٦٠:‏ «جلبت لنا الشهادة في تلك السنوات الباكرة فرحا غامرا.‏ ففي كل بيت تقريبا وُجد مَن يرغب في التكلم عن الكتاب المقدس.‏ وكان من السهل جدا الابتداء بدروس في الكتاب المقدس،‏ حيث غالبا ما تحضر العائلة كلها.‏

‏«ان الكرازة في القرى النائية ذكرى لا تُنسى.‏ فكان الاولاد عادة يرافقوننا من بيت الى بيت ويصغون بانتباه الى عرضنا للبشارة.‏ ثم يسبقوننا الى البيت التالي لإعلام صاحبه بقدومنا،‏ حتى انهم كانوا يخبرونه الحديث الذي اجريناه والآيات التي استخدمناها.‏ ولكن للحؤول دون ان يقدِّموا هم رسالتنا استعددنا لتقديم عروض مختلفة».‏

عند الاشتراك في عمل الشهادة،‏ بذل الاخوة ايضا جهدهم للمحافظة على اللياقة في التصرفات والعمل بالاصول المتَّبعة محليا.‏ (‏١ كو ٩:‏٢٠-‏٢٣‏)‏ يكتب تشارلز پريتشارد،‏ مرسل سابق يخدم الآن كعضو في لجنة الفرع في نيوزيلندا:‏ «بسبب المناخ المداري الحار كانت فالي (‏بيوت)‏ القرية دون جدران،‏ لذا تمكنّا بسهولة ان نرى إن كان يوجد احد في البيت.‏ وقد اعتُبر التكلم ونحن واقفون او قبل ان يرحب بنا صاحب البيت رسميا من اسوإ التصرفات غير اللائقة.‏ لذلك كنا نقترب وننتظر خارجا بصمت حتى يرانا صاحب البيت.‏ فيضع حصيرة نظيفة على الارض المرصوفة بالحصى المرجانية في الداخل.‏ وكان ذلك بمثابة دعوة لنخلع احذيتنا وندخل الى البيت ونجلس على الحصيرة متربِّعين».‏ ان الجلوس بهذه الطريقة لفترة طويلة كان اختبارا مؤلما للعديد من المرسلين.‏ ولكن من المفرح ان العادة المحلية سمحت لهم ان يمدوا ارجلهم ويغطوها باحتشام بالحصيرة.‏ وهكذا تجنّبوا توجيه اقدامهم المكشوفة الى صاحب البيت،‏ الامر الذي يعتبره السامويون اهانة كبيرة.‏

يقول جون رودز الذي خدم كمرسل في ساموا وساموا الاميركية طوال ٢٠ سنة:‏ «كان اصحاب البيوت يرحبون بنا رسميا ويقولون ان حمل رسالة الكتاب المقدس الى بيوتهم المتواضعة هو شرف لهم.‏ وبعد ذلك يتحول الحديث ليتناول الشؤون الشخصية مثل:‏ من اين انتم؟‏ هل لديكم اولاد؟‏ اين تسكنون؟‏».‏

تضيف هيلِن زوجة جون:‏ «كنا دائما نخاطب صاحب البيت بعبارات متسمة بالاحترام تُستخدَم عادة في المناسبات الرسمية.‏ فاللغة التي تنم عن الاحترام توقّر صاحب البيت وأيضا رسالة الكتاب المقدس التي نحملها».‏

وتقول كارولين پيدرو:‏ «من خلال بدايات الحديث هذه تعرَّفنا جيدا بالاشخاص وعائلاتهم،‏ وهم ايضا بنا.‏ وقد ساعدنا ذلك على سد حاجاتهم الروحية بأكثر فعالية».‏

وما إن ينتهي هذا التعارف حتى يبادر الناشرون الى تقديم رسالة الملكوت.‏ يتذكر مرسل سابق اسمه روبرت بويس:‏ «جرت العادة ان يصغي اصحاب البيوت إلينا ما دمنا نواصل الكلام.‏ ومن ثم يكررون الكثير مما قلناه ليظهروا لنا انهم يشعرون بأهمية رسالتنا».‏

بما ان الناس كانوا حسني الاطلاع على الكتاب المقدس،‏ بات شائعا إجراء مناقشات طويلة حول تعاليمه.‏ تقول كارولين پيدرو:‏ «دفعتني هذه المناقشات الى التعمق اكثر في مواضيع مختلفة من الكتاب المقدس».‏ لقد قبِل معظم اصحاب البيوت المطبوعات عن طيب خاطر.‏ ومع الوقت،‏ تعلَّم الناشرون ان يميزوا بين الذين هم فضوليون والذين يهتمون اهتماما مخلصا بالامور الروحية.‏

وكان كثيرون من المهتمين الجدد الذي يحضرون الاجتماعات متشوقين الى الاشتراك في خدمة الحقل.‏ يقول جون رودز:‏ «يملك السامويون فطريا موهبة في الخطابة العامة.‏ لذلك،‏ تمكن كثيرون من الجدد ان يعبّروا عن ايمانهم للآخرين بثقة دون تدريب يُذكر.‏ ومع هذا،‏ شجعناهم ان يستعملوا الاقتراحات الواردة في المطبوعات،‏ وأن يحاجوا الناس من الكتاب المقدس عوض الاعتماد على مقدراتهم التحدثية وحدها».‏ وقد أنتج هذا التدريب الجيد الكثير من المبشرين الفعالين.‏

تأثير المطبوعات الساموية

صحيح ان كثيرين من السامويين كانوا يتكلمون الانكليزية بطلاقة،‏ لكن ذلك لا يصح في البعض منهم.‏ فبغية بلوغ قلوب محبّي الحق هؤلاء،‏ قام پيليه فْوايوپولو بترجمة اربع نشرات الى الساموية سنة ١٩٥٤.‏ ومن ثم استخدمته الهيئة على مدى سنوات كثيرة كمترجم رئيسي الى اللغة الساموية.‏ وقد كان في اغلب الاحيان يعمل حتى وقت متأخر من الليل،‏ وعلى ضوء القنديل يطبع المواد المترجمة على آلة كاتبة قديمة تُشغَّل باليد.‏

وفيما هو يخدم كمترجم،‏ كان يعيل زوجته وأولاده الثمانية،‏ يأخذ القيادة في نشاطات الجماعة،‏ ويعمل خمسة ايام ونصف كل اسبوع متفقدا مزارع الكاكاو في الجزر.‏ يكتب لِن هلبرڠ:‏ «خلال سنوات العمل الدؤوب هذه،‏ لم يسعَ پيليه قط الى نيل التقدير او المدح،‏ بل كان شاكرا جدا على الامتياز ان يستخدمه يهوه في هذا العمل.‏ وقد جعله ولاؤه وتواضعه وغيرته شاهدا رائعا يحظى بمحبة وتقدير الجميع».‏

وفي سنة ١٩٥٥،‏ وزع الناشرون ٠٠٠‏,١٦ نسخة من كراس ‏«بشارة الملكوت هذه»،‏ المؤلف من ٣٢ صفحة (‏بالساموية)‏.‏ كُتب هذا الكراس بلغة بسيطة،‏ وقدَّم تعاليم الكتاب المقدس الرئيسية بطريقة يسهل فهمها،‏ ما جعله اداة مثالية للابتداء بالدروس البيتية في الكتاب المقدس.‏ يكتب ريتشارد جِنكنز:‏ «ما إن يدرس الجدد الكراس مرتين حتى يصبحوا مستعدين للمعمودية.‏ لقد احببناه جدا».‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى تُرجمت كراريس اخرى ايضا الى اللغة الساموية.‏

وشهدت سنة ١٩٥٨ اصدار الطبعة الاولى لمجلة برج المراقبة باللغة الساموية.‏ فقد انتج فْرِد ويڠنر،‏ الذي كان يمتهن الطباعة،‏ هذه المجلة بتدبيس الصفحات المنسوخة بآلة النسخ.‏ ولاحقا صارت تُطبع في الولايات المتحدة،‏ ومن ثم في اوستراليا.‏ كما كانت تُترجم اجزاء من مطبوعاتنا وتُنشر في برج المراقبة بالساموية كل شهر.‏ ومنذ اوائل سبعينات القرن العشرين،‏ ساهم إصدار الكتب الكاملة بالساموية في تسريع عمل الكرازة.‏

لقد وُزعت كتب الهيئة المجلدة على نطاق واسع في كل ارجاء الجزر الساموية.‏ ففي سنة ١٩٥٥،‏ حين وزع الناشرون كتاب يمكنكم ان تنجوا من هرمجدون الى عالم اللّٰه الجديد،‏ حصل معظم اصحاب البيوت في ساموا الاميركية على نسخة منه.‏ يكتب والاس پيدرو:‏ «رغم ان الناس كانوا يقرأون كتبهم المقدسة،‏ لم يسبق لغالبيتهم ان سمعوا بهرمجدون.‏ فبعد ان قرأت العائلات هذا الكتاب،‏ غالبا ما صار الاولاد يعلنون عن قدومنا الى القرية صارخين:‏ ‹لقد اتت هرمجدون›.‏ حتى ان بعض الوالدين اطلقوا على اولادهم اسم ‹هرمجدون›».‏

وقد تركت الطبعة الساموية لكتاب الحق الذي يقود الى الحياة الابدية،‏ الذي صدر سنة ١٩٧٢،‏ اثرا مماثلا.‏ ففي البداية،‏ كان معظم المرسلين يوزعون صندوقين او ثلاثة من هذا الكتاب كل شهر على القراء النهمين.‏ يتذكر فْرِد ويڠنر:‏ «اخذ الناس يقتربون منا في الاسواق المحلية،‏ ويطلّون من نوافذ الباصات ليطلبوا نسخا من كتاب الحق».‏

المحافل تمدنا بالقوة

في حزيران (‏يونيو)‏ ١٩٥٧،‏ اتقد الاخوة حماسا جراء انعقاد اول محفل دائري في پاڠو پاڠو بساموا الاميركية.‏ فقد اتى ناشرون من ساموا على متن المراكب للتمتع ببرنامج المحفل.‏ وبما ان الاخوة كانوا تواقين الى دعوة الناس،‏ اعلنوا برنامج المحفل على نطاق واسع باللغتين الانكليزية والساموية.‏ ونتيجة ذلك،‏ فرح الناشرون الـ‍ ٦٠ في ساموا وساموا الاميركية ان يكون عدد الحضور في الفترة الافتتاحية يوم الجمعة ١٠٦ اشخاص.‏

ولكن،‏ بسبب العادات الساموية وفضول المتفرجين حصلت في المحفل بعض الامور غير المتوقعة خلال فترات استراحة الغداء.‏ يكتب رون سيلارز:‏ «ان الدعوة الى وجبات الطعام هي من العادات الساموية الهامة.‏ فكان من الشائع ان يدعو الناس المارة الى تناول الطعام معهم.‏ ولكن عندما دعا الاخوة عددا كبيرا من المتفرجين الفضوليين الى تناول وجبة الغداء معهم،‏ ألقى ذلك حِملا غير متوقع على قسم الطعام الذي كان قد أعدَّ طعاما لا يكفي إلَّا للإخوة والاخوات المجتمعين في المحفل».‏

ومع ذلك،‏ قدَّمت اوقات الطعام شهادة حسنة للمتفرجين.‏ ففي ساموا،‏ جرت العادة في المناسبات الخصوصية ان يأكل الرجال قبل النساء والاولاد،‏ وأن يجلس الاجانب والخدام الدينيون بعيدا عن الآخرين ويحصلوا على افضل حصص من الطعام.‏ ولكن في المحفل،‏ رأى المتفرجون المرسلين الاجانب والعائلات المحلية يأكلون معا بفرح ودون تمييز.‏ فالمحبة والوحدة بين شعب يهوه كانتا ظاهرتين للعيان.‏

ان هذه المحافل لم تكن فقط مصدر تشجيع وتدريب للناشرين،‏ بل اعدَّتهم ايضا للمحن القاسية التي كانت تكمن امامهم مباشرة.‏

الارتداد في آپيا

لقد بدا جليا انه مع هذا النمو المشجِّع في الجزر هنالك مشاكل تلوح في افق ساموا.‏ فبعض الافراد،‏ بقيادة شخص قوي الارادة من الماتاي (‏زعماء العائلات)‏،‏ قاوموا الارشاد الثيوقراطي وأثاروا الاضطراب في جماعة آپيا.‏ وبما ان الاجتماعات كانت تُعقد في بيت هذا الرجل،‏ تفاقمت الاجواء المتوترة في الجماعة.‏

وأخيرا سنة ١٩٥٨،‏ انشق المتمردون عن الجماعة وشكَّلوا فريقهم الخاص لدرس الكتاب المقدس.‏ فأتى الى ساموا دوڠلاس هلد،‏ خادم في فرع اوستراليا كان آنذاك يزور فيجي،‏ بهدف مساعدة الاخوة المنزعجين.‏ ورغم ان مشورته السديدة المؤسسة على الكتاب المقدس كانت مصدر تشجيع كبير للأمناء في الجماعة،‏ فإن ربع الذين كانوا يحضرون الاجتماعات اتخذوا موقفهم اخيرا الى جانب المتمردين.‏ ولاحقا،‏ انفصل العديد من هؤلاء المتمردين نتيجة كبريائهم وعنادهم.‏

ولم يمضِ وقت طويل حتى اتضح مَن هو الفريق الذي يوجهه روح يهوه.‏ فقد انقسم الفريق المتمرد وانتهى امره.‏ اما جماعة آپيا،‏ فشهدت في تلك السنة زيادة في عدد الناشرين بلغت ٣٥ في المئة.‏ وبعد ان عقدت الجماعة اجتماعاتها مؤقتا في بيت ريتشارد وڠلوريا جِنكنز قرب مستشفى آپيا،‏ انتقلت اخيرا الى بيت مأَتوسي لِيَواني في فأَتويا بآپيا.‏ وهناك تمتع الناشرون فعلا بروح المحبة والتعاون.‏ ولاحقا،‏ بُنيت اول قاعة للملكوت في آپيا في عقار يملكه مأَتوسي.‏ وذلك بدعم مالي من احدى جماعات سيدني في اوستراليا.‏

معاشرة بناءة

سنة ١٩٥٩،‏ تقوّت جماعة آپيا اكثر ايضا حين سمحت الحكومة الساموية لخمسة مرسلين من ساموا الاميركية بحضور اول محفل دائري يُعقد في آپيا.‏ وكم فرح الجميع حين بلغ عدد الحضور ٢٨٨ شخصا واعتمد ١٠ اشخاص!‏ ثم بعد سنتين،‏ عقدت الجماعة اول محفل كوري لها في مبنى لمستشفى ألماني قديم قرب نزل «وايت هورس إن».‏ وقد اتى الى هذا المحفل البارز مندوبون من اماكن بعيدة مثل نيوزيلندا.‏

نال الاخوة بفضل هذه التجمعات تدريبا جيدا في تنظيم المحافل.‏ لذلك،‏ حين رفضت الحكومة الساموية لاحقا السماح للنظار الجائلين والمرسلين بدخول البلد،‏ تمكّن الاخوة من تنظيم محافلهم الخاصة.‏ وفي سنة ١٩٦٧،‏ أعدُّوا وقدَّموا مسرحية تاريخية مؤسسة على الكتاب المقدس مدتها ساعة،‏ وهي المسرحية الاولى في ساموا.‏ وقد تناولت التدبير الذي صنعه اللّٰه بخصوص مدن الملجإ في اسرائيل القديمة،‏ وبقيت ذكراها حية في اذهان الحاضرين.‏

وخلال تلك السنوات،‏ استمد الناشرون في ساموا فائدة قصوى ايضا من المحافل التي شملت الجزر المجاورة وعُقدت في ساموا الاميركية وفيجي،‏ مع ان ذلك تطلَّب منهم التضحية الكبيرة والجهد الدؤوب.‏ فحضور المحافل الكورية في فيجي مثلا،‏ لم يتطلب منهم تغطية نفقات السفر والطعام فحسب،‏ بل ايضا البقاء خارج ساموا حوالي شهر.‏

تقدُّم العمل في ساموا الاميركية

سنة ١٩٦٦،‏ فرح الاخوة في ساموا الاميركية ان يعقدوا المحفل الكوري «ابناء حرية اللّٰه» في پاڠو پاڠو.‏ وقد حضر هذا المحفل التاريخي ٣٧٢ مندوبا شكَّلوا ثماني فرق لغوية وأتوا من اوستراليا،‏ تاهيتي،‏ تونڠا،‏ ساموا (‏سابقا ساموا الغربية)‏،‏ ڤانواتو (‏سابقا نيوهبريدز)‏،‏ فيجي،‏ كاليدونيا الجديدة،‏ نيوزيلندا،‏ ونييووي.‏ فرفع هذا الحشد المتعدد الجنسيات واللغات نسبة الشهود مقابل السكان في مدينة المحفل الى واحد مقابل ٣٥،‏ رغم ان عدد الناشرين في الجماعة المحلية كان آنذاك ٢٨ فقط.‏

كيف امكن هؤلاء الناشرين القلائل إيواء هذا العدد الكبير من الزائرين؟‏ يتذكر فْرِد ويڠنر:‏ «تمكنَّا بسهولة ان نجد اماكن يمكث فيها هذا العدد الكبير من المندوبين.‏ فقد كان السكان المحليون مضيافين جدا ورحبوا بالاخوة عن طيب خاطر.‏ إلا ان ذلك اثار استياء القادة الدينيين».‏

اثَّر المحفل تأثيرا رائعا في جماعة پاڠو پاڠو.‏ ففي غضون ستة اشهر،‏ ازداد عدد حضور الاجتماعات بنسبة ٥٩ في المئة،‏ وصار جدد كثيرون مؤهلين ليخدموا كناشرين للبشارة.‏ يكتب رون سيلارز:‏ «لقد حثّ الجماعة ايضا ان تبني مكانا ملائما اكثر للاجتماعات».‏ وبالرغم من وجود القليل من الاراضي الشاغرة في جزيرة توتويلا،‏ حيث تقع پاڠو پاڠو،‏ قدَّم احد الناشرين المحليين قطعة ارض بعقد إيجار مدته ٣٠ سنة.‏ وكانت الارض تقع غرب المدينة في قرية تافونا.‏

يقول فْرِد ويڠنر:‏ «بما ان هذه الارض تقع تحت مستوى سطح البحر،‏ عملت الجماعة جاهدة مدة ثلاثة اشهر لتجميع الصخور البركانية بغية رفع قاعدة المكان».‏

كما ان الكاهن الكاثوليكي المحلي،‏ الذي كان يقرأ بانتظام مجلتي برج المراقبة واستيقظ!‏،‏ سمح للاخوة ان يستعيروا خلَّاطة الاسمنت التي تخصّ الكنيسة عندما حان وقت صبّ الارضية.‏ يكتب رون سيلارز:‏ «لاحقا،‏ قرأ الكاهن مقالة في استيقظ!‏ تتناول موضوع الزواج،‏ وعلى الفور ترك الكهنوت ليتزوج».‏

وأيضا،‏ قدَّم الاخوة الاسخياء من وراء البحار المساعدة في مشروع بناء قاعة الملكوت هذه.‏ مثالا على ذلك ڠوردن وپاتريشا سكوت،‏ اللذان كانا من المرسلين الاوائل الذين خدموا في ساموا الاميركية لكنهما عادا الى الولايات المتحدة.‏ فقد تبرعا بالكراسي من جماعتهما بغية استعمالها في القاعة الجديدة.‏ يقول رون سيلارز:‏ «حين بعنا الفائض من الكراسي الى صالة سينما محلية،‏ تمكنَّا من دفع كل تكاليف شحنها الى الجزيرة».‏ وسنة ١٩٧١،‏ أُكمل بناء قاعة الملكوت في تافونا وتم تدشينها.‏ وقد كانت هذه القاعة الجديدة تتسع لـ‍ ١٣٠ مقعدا.‏ وفي وقت لاحق،‏ أُضيف مسكن للمرسلين فوقها.‏

ساموا تفتح ابوابها

قبل سنة ١٩٧٤،‏ كانت حكومة ساموا تفرض قيودا تمنع دخول المرسلين الشهود الى البلد،‏ ما اعاق العمل فيها.‏ ولكن في تلك السنة،‏ لجأ الاخوة المسؤولون المحليون الى رئيس الوزراء مباشرة لمناقشة القضية.‏ يكتب موفاولو ڠالوڤاو،‏ احد هؤلاء الاخوة:‏ «اكتشفنا خلال المناقشة ان احد الرسميين الحكوميين قد اقام لجنة غير مرخَّص بها لمراجعة كل طلبات المرسلين.‏ وكانت هذه اللجنة،‏ المؤلفة من اعدائنا الدينيين،‏ ترفض في الحال الطلبات التي نقدِّمها من اجل الحصول على تأشيرة دخول حتى دون إعلام رئيس الوزراء بذلك.‏

‏«وبما ان رئيس الوزراء لم يكن يعلم بهذه المكيدة،‏ امر على الفور ان يجلب له المسؤول في دائرة الهجرة ملف شهود يهوه.‏ وقد حلَّ اللجنة في حضورنا ومنح پول وفرانسيس إيڤانز تأشيرة دخول مدتها ثلاث سنوات مع امكانية تمديدها».‏ يا له من خبر سار!‏ فبعد ١٩ سنة من الجهود الدؤوبة،‏ دخلا اخيرا الى ساموا كمرسلَين معترف بهما شرعيا.‏

اقام پول وفرانسيس في البداية مع موفاولو ڠالوڤاو وعائلته،‏ ولكن عندما وصل جون وهيلِن رودز سنة ١٩٧٧،‏ انتقل هؤلاء الاربعة الى بيت للمرسلين تم استئجاره حديثا في ڤايالا،‏ آپيا.‏ وبعدها وصل مرسلون آخرون مثل روبرت وبيتي بويس سنة ١٩٧٨،‏ دايڤيد وسوزان يوشيكاوا سنة ١٩٧٩،‏ ورصل ولايلاني ارنشو سنة ١٩٨٠.‏

التكيّف مع الحياة في الجزيرة

سرعان ما كان الشهود الاجانب الذين اتوا الى ساموا خلال تلك السنوات يكتشفون ان الحياة لها صعوباتها حتى في هذا المكان الجميل الشبيه بالفردوس.‏ وإحدى هذه الصعوبات هي المواصلات.‏ يكتب جون رودز:‏ «في السنتين الاوليين من خدمتنا الارسالية في آپيا،‏ غالبا ما كنا نمشي مسافات طويلة لنحضر الاجتماعات ونقوم بعمل الشهادة.‏ وقد كنا ايضا نستقل الباصات الشعبية الملونة المستخدمة هناك بغية التنقل في ارجاء الجزيرة».‏

كانت وسائل النقل هذه عبارة عن شاحنة صغيرة او متوسطة الحجم ذات مقصورة خشبية يتزاحم فيها الركاب عادة اذ يحملون معهم كل اغراضهم،‏ من ادواتهم الزراعية الى منتجاتهم الطازجة.‏ وكانت الموسيقى الصاخبة والاغاني الشعبية تزيد الجو بهجة.‏ كما ان اماكن توقُّف الباص،‏ جداول مواعيده،‏ وخطوط سيره تتغير باستمرار.‏ حتى ان احد الكتب التي تُستخدم كدليل سياحي يقول:‏ «الباص الى ڤاڤاو دقيق المواعيد دائما:‏ موعده هو لحظة وصوله».‏

يقول جون:‏ «اذا اردنا شراء بعض الحاجيات اثناء سير الباص،‏ كنا نطلب من السائق ان يتوقف.‏ وبعد ان نشتري نستقل الباص من جديد ونكمل رحلتنا.‏ رغم ذلك،‏ ما من احد يبدو قلقا ازاء التأخير».‏

حين يمتلئ الباص كان الوافدون الجدد يجلسون في حضن الركاب الجالسين.‏ وهكذا سرعان ما تعلّم المرسلون الازواج ان يُجلسوا زوجاتهم في احضانهم.‏ وفي نهاية الرحلة،‏ غالبا ما كان الاولاد والراشدون يدفعون اجرة الباص بإخراج قطعة نقدية صغيرة من اذُنهم —‏ محفظة نقود ملائمة جدا!‏

استخدم المرسلون والناشرون طائرات وقوارب صغيرة بغية التنقل بين الجزر.‏ وقد كانت هذه الرحلات محفوفة بالمخاطر،‏ والتأخر في الوصول الى الوجهة المقصودة امرا لا مناص منه.‏ تقول اليزابيث إلينڠورث التي خدمت سنوات كثيرة مع زوجها پيتر في العمل الدائري في المحيط الهادئ الجنوبي:‏ «كان من الضروري ان نتعلم الصبر وننمي روح الفكاهة».‏

جعلت الامطار الغزيرة التنقل في ارجاء البلاد امرا شاقا جدا،‏ وخصوصا في موسم الاعاصير.‏ فذات مرة حين حاول المرسل جفري جاكسون ان يعبر نهرا فائضا في طريقه الى درس الكتاب الجَماعي،‏ انزلق ووقع في السيل الجارف.‏ ومع انه كان مبلَّلا ومتسخا تابع طريقه الى الاجتماع.‏ وهناك ساعدته العائلة المستضيفة على تنشيف نفسه وألبسته لاڤالاڤا سوداء طويلة (‏تنورة بولينيزية تُلف حول الخصر)‏.‏ ولم يملك رفقاؤه انفسهم عن الضحك حين ظن احد المهتمين الجدد في الاجتماع انه كاهن كاثوليكي.‏ والآن يخدم الاخ جاكسون كعضو في الهيئة الحاكمة.‏

ومن بين الصعوبات التي واجهت الوافدين الجدد كان تعلُّم لغة جديدة،‏ التكيف مع الحر الدائم في هذه المنطقة المدارية،‏ معالجة المشاكل الصحية غير المألوفة،‏ الافتقار الى وسائل الراحة العصرية،‏ وتفادي الكمّ الهائل من الحشرات اللاذعة.‏ يكتب موفاولو ڠالوڤاو:‏ «حقا،‏ بذل المرسلون انفسهم لأجلنا.‏ وهذا ما جعل الكثير من الوالدين الممتنين يسمّون اولادهم باسم هؤلاء الاحباء الذين مدوا لنا يد العون بكل محبة».‏

ساڤايي تسمع البشارة

لنحوِّل انتباهنا الآن الى ساڤايي،‏ كبرى جزر ساموا التي قلما عبثت بها يد انسان.‏ فهذه الجزيرة غير مأهولة في معظمها وتمتاز بجبال شامخة،‏ مرتفعات بركانية مسننة تحوي ٤٥٠ فوّهة تقريبا،‏ ادغال تكاد لا تُخترق،‏ ومساحات واسعة من الصخور البركانية المتصلبة.‏ وتقطن غالبية سكانها في قرى صغيرة متناثرة بمحاذاة الشاطئ.‏ وقد وصلت البشارة للمرة الاولى إليها سنة ١٩٥٥،‏ حين قام لِن هلبرڠ وفريق من الناشرين من جزيرة اوپولو بزيارة قصيرة لها بغية عرض فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل.‏

وبعد ست سنوات،‏ دُعيت اختان مرسلتان الى الانتقال من ساموا الاميركية الى ساڤايي.‏ وهما تيا ألوني،‏ اول شاهدة ساموية تحضر مدرسة جلعاد،‏ ورفيقتها آيڤي كاوي.‏ وصلت الاختان سنة ١٩٦١ ومكثتا عند زوجين مسنين يعيشان في فوڠاپاوا،‏ قرية تقع في الجزء الشرقي من الجزيرة.‏ ثم انضمت إليهما لفترة من الوقت فاتحة خصوصية كانت سابقا تعيش في ساڤايي.‏ وكان بعض الاخوة يأتون من آپيا الى هذه القرية مرة كل شهر ويقدِّمون خطابات عامة بغية تشجيع ودعم الفريق الجديد الذي يتراوح عدد افراده بين ستة وثمانية اشخاص.‏ وقد عُقدت هذه الاجتماعات في بيت صغير في فوڠاپاوا.‏

بقيت تيا وآيڤي في ساڤايي الى ان تم تعيينهما في جزيرة اخرى سنة ١٩٦٤.‏ وفي السنوات العشر اللاحقة،‏ لم يكن هنالك سوى القليل من النشاط الروحي في ساڤايي.‏ ولكن منذ بداية سنة ١٩٧٤ انتقلت عدة عائلات الى ساڤايي من اجل تعزيز هذا النشاط،‏ من بينهم ريساتي وماريتا سنڠي،‏ هاپي وماووتا ڠولدنر-‏بارنِت،‏ فينڠايي تو،‏ پالوتا ألانڠي،‏ كومي فاليمايا (‏لاحقا تومپسون)‏،‏ ورون ودوللي سيلارز اللذان اتيا من ساموا الاميركية.‏ وكان الفريق الصغير الذي تشكَّل في فوڠاپاوا يجتمع في بيت عائلة سنڠي الواقع قرب الشاطئ.‏ وفي وقت لاحق،‏ بُني بيت للمرسلين وقاعة ملكوت في الجوار.‏ وبعد مدة،‏ تأسس فريق آخر في تاڠا،‏ قرية تقع على الساحل الغربي لساڤايي.‏

وابتداء من سنة ١٩٧٩،‏ عُين المزيد من الازواج المرسلين في ساڤايي لمساعدة الناشرين المحليين،‏ ومنهم روبرت وبيتي بويس،‏ جون وهيلِن رودز،‏ ليڤا وتنيسيا فَيايِيو،‏ فْرِد وتامي هومز،‏ براين وسو ملكاهي،‏ ماثيو ودِبي كورتس،‏ جاك وماري-‏جاين وايزر.‏ وهكذا،‏ بالمثال الجيد الذي رسمه المرسلون في الخدمة تقدَّم العمل باطراد.‏

لكن التقاليد والروابط العائلية في ساڤايي كانت تُحكم قبضتها على الناس.‏ فحظر ربع القرى تقريبا عمل كرازة شهود يهوه في مجتماعاتها،‏ حتى ان بعضها اذاع اعلانات عن هذا الحظر عبر الراديو.‏ لهذا السبب،‏ تطلّبت مساعدة الجدد على التقدُّم الكثير من الوقت والصبر.‏ ورغم ذلك تعرّف كثيرون الى الحق،‏ بمن فيهم بعض الذين يعانون مشاكل صحية كبيرة.‏

تخطي المشاكل الصحية بغية خدمة يهوه

احد هؤلاء الاشخاص هو ميتوسيلا نيرو الذي انقصم ظهره حين سقط عن الحصان وهو بعمر ١٢ سنة.‏ تقول احدى المرسلات:‏ «بعد الحادث،‏ اصبح يسير مقوَّس الظهر لا يفارقه الألم».‏ عندما ابتدأ ميتوسيلا يدرس الكتاب المقدس بعمر ١٩ سنة،‏ احتمل بثبات مقاومة عائلته.‏ وبسبب عجزه هذا،‏ كانت المسافة التي تستغرق خمس دقائق سيرا على الاقدام للوصول الى الاجتماعات المسيحية تتطلب منه ٤٥ دقيقة مع عذاب مرير.‏ رغم ذلك،‏ احرز ميتوسيلا تقدُّما ملحوظا واعتمد سنة ١٩٩٠.‏ ثم انخرط في الخدمة كامل الوقت كفاتح عادي وصار مؤهلا ليخدم كشيخ.‏ ومذّاك،‏ حضر ما يزيد عن ٣٠ شخصا من اقربائه الاجتماعات في فاڠا،‏ وقد اعتمد العديد منهم.‏ واليوم،‏ رغم مشاكله الصحية الدائمة،‏ فهو معروف بوجهه البشوش وشخصيته المرحة.‏

ثمة شخص آخر تغلّب على مشاكله الصحية الخطيرة وأحرز تقدُّما روحيا جيدا،‏ وهو ساومالو تاوَآني.‏ كان ساومالو مشوّها جدا بسبب اصابته بالبرص.‏ وبما انه كان يعيش في قرية اوپو النائية والمنعزلة جدا،‏ درس في البداية الكتاب المقدس بالمراسلة مع إيڤان تومپسون.‏ ثم انتقل الفاتح الخصوصي آسا كو الى ساڤايي واستلم درسه.‏ وعندما حضر ساومالو اول اجتماع له سنة ١٩٩١،‏ لزمه الذهاب مسافة ساعتين بالسيارة الى قرية تاڠا التي تقع في الجانب المقابل من الجزيرة.‏

وبما ان ساومالو كان خجولا جدا بسبب التشويه الذي اصابه،‏ فحين حضر لأول مرة يوم المحفل الخصوصي استمع الى البرنامج من سيارته.‏ لكنه تأثر جدا عندما اقترب منه الاخوة والاخوات بكل محبة خلال فترة استراحة الغداء ورحبوا به ترحيبا حارا.‏ فقبِل بسرور دعوتهم وتمتع ببقية البرنامج وهو جالس بين الحضور.‏

وسرعان ما ابتدأ ساومالو وزوجته توريسي يحضران الاجتماعات في فاڠا ويقضيان اكثر من ساعة ذهابا وساعة إيابا.‏ وفي سنة ١٩٩٣ اعتمد ساومالو،‏ ثم بعد مدة تأهل ليخدم كخادم مساعد.‏ وحتى عندما بتر الاطباء احدى ساقيه،‏ بقي يقود سيارته الى الاجتماعات.‏ ومع ان قرية ساومالو وتوريسي حظرت عمل كرازة شهود يهوه،‏ فقد استمرا يشهدان بغيرة للآخرين بطريقة غير رسمية وبواسطة الهاتف.‏

اما اليوم فهما يعيشان في آپيا،‏ حيث يتلقى ساومالو علاجا منتظما لمشاكله الصحية الكثيرة.‏ وبدلا من الشعور بالأسى والمرارة،‏ يتمتع بنظرة ايجابية ومشرقة الى الحياة.‏ وكلاهما يُقدَّران كثيرا بسبب ايمانهما الراسخ.‏

المحن في توكيلاو

تتألف توكيلاو من ثلاث جزر مرجانية منعزلة واقعة شمال ساموا،‏ وقد سمعت رسالة الملكوت للمرة الاولى سنة ١٩٧٤.‏ ففي تلك السنة،‏ عاد طبيب اسمه روپاتي يويلي الى توكيلاو بعد تخرجه من كلية الطب في فيجي.‏ لقد كانت زوجته إيماو شاهدة معتمدة،‏ اما هو فكان قد درس مع شهود يهوه فترة قصيرة من الوقت في فيجي.‏ *

في توكيلاو اكتشف روپاتي ان طبيبا آخر وزوجته،‏ يونا ولويسا تينييلو،‏ هما شاهدان معتمدان.‏ كما انه التقى نانوميا فُوِي،‏ احد المهتمين الذي اقرباؤه شهود ليهوه.‏ فصنع هؤلاء الرجال الثلاثة ترتيبات من اجل عقد اجتماعات منتظمة لدرس الكتاب المقدس وتقديم الخطابات العامة،‏ وسرعان ما صار معدل عدد الحضور ٢٥ شخصا.‏ كما شرع هؤلاء الثلاثة مع عائلاتهم في تقديم الشهادة للآخرين بطريقة غير رسمية.‏

ولكن لم يكن الجميع مسرورين بهذا النشاط الثيوقراطي.‏ فبتحريض من احد قسوس الجمعية الارسالية اللندنية،‏ استدعى مجلس شيوخ الجزيرة رؤوس العائلات الثلاث.‏ يقول روپاتي:‏ «امرونا ان نوقف اجتماعاتنا وقالوا إنه اذا عصينا اوامرهم،‏ فسيحرقوننا احياء في بيوتنا او سيلقوننا على متن طَوْف خشبي دون مرساة لنهيم في البحر.‏ فحاولنا مناقشة الامر معهم باستخدام الاسفار المقدسة،‏ لكنهم اصرّوا على موقفهم.‏ فقد كانوا يعتبرون ان احترام سلطتهم امر لا مناص منه».‏ بعد توجيه هذا الانذار،‏ قررت العائلات الثلاث ان تعقد اجتماعاتها سرا لتجنُّب لفت الانتباه.‏

لكن هذه المقاومة لم تكن سوى بداية المتاعب.‏ فبعد اثنتي عشرة سنة،‏ عندما قبلت اخت روپاتي وصهره الحق واستقالا من الكنيسة،‏ طرد شيوخ القرية جميع الشهود الموجودين فيها.‏ يكتب روپاتي:‏ «في تلك الليلة،‏ جمعت كل عائلة اغراضها الشخصية ووضعتها في قوارب صغيرة وهربت الى اكبر قرية في الجزيرة.‏ فبادر جيرانهم السابقون الى سلب بيوتهم ومزارعهم».‏

رغم هذا الاضطهاد،‏ استمر الناشرون بشجاعة في الاجتماع معا لعبادة يهوه.‏ يقول روپاتي:‏ «كان افراد العائلات يتظاهرون انهم يقومون بنزهة في نهاية الاسبوع،‏ فيجذِّفون القوارب متَّجهين نحو جزيرة صغيرة منعزلة يوم السبت صباحا ثم يعودون ادراجهم يوم الاحد مساء بعد ان يعقدوا اجتماعهم».‏ وفي تلك الفترة،‏ كانت عدة عائلات ايضا تقوم برحلة طويلة وشاقة بالقارب من توكيلاو الى ساموا لحضور المحافل الكورية السنوية.‏

اخيرا،‏ دفعت المقاومة القاسية هذه العائلات ان يهاجروا الى نيوزيلندا.‏ وهكذا بحلول سنة ١٩٩٠،‏ لم يبقَ شاهد في تلك الجزر المرجانية.‏ لكن إيڤان تومپسون،‏ الذي كان آنذاك فاتحا في آپيا،‏ درس بالمراسلة مع لون تيما،‏ شاب يعيش في توكيلاو.‏ وقد احرز لون تقدُّما روحيا جيدا وهو الآن يخدم كشيخ في اوستراليا.‏

لاحقا،‏ رجع عدة ناشرين الى توكيلاو.‏ وقد حاول جفري جاكسون،‏ الذي كان يخدم آنذاك في مكتب فرع ساموا،‏ ان يقابل المفوَّض النيوزيلندي المسؤول عن الشؤون التوكيلاوية ليناقش المشاكل التي تواجه الشهود في الجزر المرجانية ولكن دون جدوى.‏ يكتب جفري:‏ «مُنحت إذنا بزيارة توكيلاو بصفتي خبيرا باللغات،‏ وأثناء الرحلة دعاني ربان السفينة ان اتناول معه ومع رجل آخر وجبة خفيفة في ردهة الاستراحة.‏ وصادف ان هذا الرجل كان المفوَّض المسؤول عن الشؤون التوكيلاوية الذي سبق وحاولنا مقابلته.‏ فتحدثنا لأكثر من ساعة،‏ وفي النهاية شكرني ووعدني ان يفعل ما في وسعه لتخفيف الضغط عن اخواننا في توكيلاو».‏

واليوم،‏ لا يزال الرسميون يقاومون عمل شهود يهوه في توكيلاو.‏ فعندما مات الابن الاصغر لفُوِيمانو وهاتيسا كيريفي سنة ٢٠٠٦ وألقى فُوِيمانو خطابا مؤسسا على الاسفار المقدسة يوم الدفن،‏ هدَّد مجلس الشيوخ بطرد العائلة من الجزيرة.‏ ثم هُدِّد فُوِيمانو ايضا عندما رفض العمل في الكنيسة المحلية،‏ كما واجه مع وزوجته ضغطا كبيرا كي يشتركا في النشاطات السياسية.‏ لكنه بقي هو وعائلته ثابتين في الايمان.‏ ونتيجة لذلك،‏ اصبح ايمانهم اقوى ايضا.‏ يقول فُوِيمانو:‏«تعلمنا ان نتكل على يهوه اثناء المحن».‏ (‏يع ١:‏٢-‏٤‏)‏ فقد عرفوا ان يهوه لا يتخلى عن خدامه الامناء.‏ —‏ تث ٣١:‏٦‏.‏

النمو الروحي يحظى ببركة يهوه

منذ ان وصلت البشارة للمرة الاولى الى ساموا،‏ اشرفت عدة فروع على عمل الملكوت فيها.‏ اما اليوم فهنالك لجنة بلد مؤلفة من اربعة اخوة يعملون بكد للاعتناء بالعمل في الجزر الساموية تحت اشراف فرع اوستراليا.‏ وعلى مر السنين،‏ بذل الاخوة في ساموا جهودا حثيثة لإيصال رسالة الملكوت الى المناطق الاكثر عزلة.‏ كما غطَّت الحملات الكرازية المنتظمة في ساموا الاميركية جزيرة سوينز التي تقع على بُعد نحو ٣٢٠ كيلومترا شمال جزيرة توتويلا،‏ وكذلك مجموعة جزر مانوا التي تقع على بُعد نحو ١٠٠ كيلومتر شرق توتويلا.‏ وقد وزَّع الناشرون اثناء هذه الزيارات مئات المطبوعات وابتدأوا بعشرات الدروس في الكتاب المقدس مع المهتمين.‏ كما عمل ناشرون آخرون على توسيع مقاطعتهم المحلية بالكرازة للناس الذين يتكلمون لغة اجنبية.‏

تكثيف الجهود المبذولة في الترجمة

مع نمو عدد الناشرين نشأت الحاجة الى مزيد من المطبوعات باللغة الساموية.‏ وبغية سد هذه الحاجة،‏ انتقل جفري جاكسون وزوجته جيني من تعيينهما الارسالي في توڤالو الى مكتب فرع ساموا سنة ١٩٨٥.‏ فعُيِّن جفري ليشرف على فريق الترجمة الساموي المؤلف من شخصين.‏ يقول:‏ «في البداية،‏ كانت المترجمتان تعملان على طاولات في غرفة الطعام في بيت ايل.‏ فكل صباح كانتا تنظفان طاولات الفطور قبل الابتداء بعمل الترجمة.‏ ثم قُبيل الظهر ترفعان لوازم الترجمة وتجهِّزان الطاولات للغداء.‏ وبعدها تنظفان الطاولات من جديد للعودة الى عمل الترجمة».‏

لقد اعاق هذا التقطُّع المستمر انتاجية العمل،‏ بالاضافة الى ان الترجمة تطلبت الكثير من الجهد والوقت.‏ يقول جفري:‏ «كان الكثير من المواد يُكتب باليد ثم يُطبع على الآلة الكاتبة.‏ وكان يُعاد طبع كل نسخة عدة مرات من اجل تصحيح اللغة ومراجعة النص قبل ارساله الى الطباعة».‏ وفي سنة ١٩٨٦،‏ ادى شراء اول كمبيوتر لمكتب الفرع الى تخفيف الكثير من هذا العمل المتكرر،‏ او إلغائه كليا.‏ كما ان المعدات الاخرى التي تعمل بواسطة الكمبيوتر سرَّعت عمل الترجمة والطباعة.‏

تركَّزت الجهود المبذولة في الترجمة والنشر بصورة خاصة على مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏.‏ فمنذ كانون الثاني (‏يناير)‏ سنة ١٩٩٣،‏ تصدر برج المراقبة بالساموية في وقت واحد مع الطبعة الانكليزية وأيضا بأربعة ألوان.‏ ثم في سنة ١٩٩٦،‏ بدأت تصدر طبعة فصلية من مجلة استيقظ!‏ بالساموية.‏ يقول جفري:‏ «أُعلن عن اصدار مجلة استيقظ!‏ ليس فقط في الصحف والراديو بل ايضا في نشرات الاخبار التلفزيونية المحلية».‏

حاليا،‏ يسد فريق من المترجمين في ساموا الحاجة الى الترجمة باللغة الساموية.‏ ويتلقّى هذا الفريق المجتهد مع فرق اخرى للترجمة حول العالم تدريبا قيِّما بغية تحسين فهمهم للغة وصقل مهاراتهم في الترجمة،‏ الامر الذي يعدّهم ليترجموا بأكثر دقة وفعالية.‏

الحاجة الى توسيع الفرع

اثناء زيارة مِلتون ج.‏ هنشل كناظر اقليم الى ساموا سنة ١٩٨٦،‏ بدا واضحا ان بيت المرسلين في سيناموڠا اصغر من ان يسد حاجات الفرع المتزايدة.‏ لذلك،‏ عيَّنت الهيئة الحاكمة اخوة من قسم التصميم والبناء في بروكلين ومكتب الهندسة الاقليمي في اوستراليا لزيارة ساموا بهدف تقييم الحاجة الى مكان اكبر.‏ فماذا كانت توصيتهم؟‏ شراء موقع مساحته ثلاثة هكتارات في سيوسنڠا،‏ التي تبعد عن سيناموڠا خمسة كيلومترات الى الداخل،‏ بغية بناء مجمَّع جديد لبيت ايل.‏ وهكذا ما إن أُكمل العمل في مكتب الفرع الجديد حتى تم افراغ بيت ايل القديم في سيناموڠا لتحل محله قاعة محافل جديدة.‏

ابتدأ عمل بناء الفرع الجديد سنة ١٩٩٠،‏ وكان مشروعا امميا رائعا.‏ فقد عمل باتحاد في هذا المشروع ٤٤ خادما امميا،‏ ٦٩ متطوعا امميا،‏ ٣٨ متطوعا محليا كامل الوقت،‏ والكثير من العمال بدوام جزئي.‏ ولكن فيما كان عمل البناء جاريا،‏ وقعت فجأة كارثة كبيرة.‏

الكارثة تضرب

في ٦ كانون الاول (‏ديسمبر)‏ سنة ١٩٩١ اكتسح ساموا اعصار ڤال،‏ احد اعنف الاعاصير التي ضربت المحيط الهادئ الجنوبي.‏ وقد ضربت الرياح العنيفة التي وصلت سرعتها الى ٢٦٠ كيلومترا في الساعة الجزر الصغيرة طوال خمسة ايام،‏ متلفة اوراق ٩٠ في المئة من الاشجار والنباتات ومسبِّبة اضرارا قُدِّرت بـ‍ ٣٨٠ مليون دولار اميركي.‏ ومن المحزن ان ذلك اودى بحياة ١٦ شخصا.‏

يقول جون رودز:‏ «بادر مكتب الفرع الى تنظيم عمليات الاغاثة».‏ ففي غضون ايام،‏ وصلت من فرع فيجي حاوية محمَّلة بمؤن الاغاثة.‏ وتبعتها بسرعة اموال أُرسلت من فروع اخرى في المحيط الهادئ.‏

يكتب دايڤ ستايپلتون،‏ خادم اممي يعمل في الفرع الجديد في سيوسنڠا:‏ «وصلت اولا الحاجات الضرورية.‏ فتمَّ توزيع المياه النقية،‏ المشمَّعات،‏ الكاز،‏ والمواد الطبية على الاخوة المحتاجين.‏ ثم رممنا بيت ايل في سيناموڠا ليصير صالحا للاستعمال وقمنا بتصليح الابنية المتضررة في موقع بناء الفرع.‏ ولاحقا،‏ رممنا وأعدنا بناء قاعات الملكوت المتضررة،‏ بيوت المرسلين،‏ وبيوت الشهود.‏ وقد استغرق انجاز العمل عدة شهور».‏

عندما قدَّمت الحكومة في ما بعد اموالا لكل الفئات الدينية،‏ بمن فيهم شهود يهوه،‏ من اجل ترميم ممتلكاتهم،‏ اعاد الاخوة الاموال الى الحكومة مرفقة برسالة اقترحوا فيها ان تُستخدم هذه الاموال في ترميم المباني الحكومية،‏ لأنهم كانوا قد اصلحوا كل الاضرار التي تكبدوها.‏ فما كان من وزراء الحكومة إلَّا ان خفَّضوا لاحقا الرسوم الجمركية على مواد البناء المستوردة من الخارج لتشييد الفرع،‏ وهكذا وفَّر الاخوة الكثير من المال.‏

‏«ما لم نحلم به»‏

بعد اصلاح الاضرار التي تسبَّب بها الاعصار،‏ اخذ مشروع بناء الفرع الجديد يتحرك بوتيرة اسرع.‏ وفي ايار (‏مايو)‏ ١٩٩٣،‏ اي بعد سنة ونصف،‏ انتقلت عائلة بيت ايل بعد طول انتظار من سيناموڠا الى بيتهم الجديد في سيوسنڠا.‏

ثم في ايلول (‏سبتمبر)‏ سنة ١٩٩٣،‏ اتى ٨٥ شاهدا من الحرفيين من اوستراليا،‏ نيوزيلندا،‏ هاواي،‏ والولايات المتحدة الى ساموا من اجل بناء قاعة محافل في سيناموڠا.‏ وقد قاموا جميعا بتلك الرحلة على نفقتهم الخاصة.‏ يكتب كِن أبُّوت الذي كان على رأس الحرفيين الاوستراليين:‏ «صحيح ان المصطلحات المعمارية وأنظمة القياس التي استعملناها في موقع البناء كانت كلها مختلفة،‏ لكنّ روح يهوه ساعدنا على التغلب بفرح على المشاكل التي نشأت».‏

ذكر أبراهام لنكولن،‏ احد افراد الفريق الذي اتى من هاواي:‏ «ان رؤية عمل الاخوّة العالمية عن كثب تركت تأثيرا ايجابيا في الجميع».‏

ونتيجة الجهود المتضافرة لفريق البناء الاممي،‏ انتهى بناء قاعة المحافل في مجرد عشرة ايام.‏ وقد تعلّم الناشرون المحليون من العمل مع الاخوة الزائرين مهنًا نافعة،‏ هذا اضافة الى الفوائد الروحية.‏ لذلك بعد انتهاء المشروع،‏ انخرط بعض الناشرين في عمل الفتح او الخدمة في بيت ايل.‏

اخيرا،‏ في ٢٠-‏٢١ تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ ١٩٩٣،‏ تم تدشين مكتب الفرع وقاعة المحافل.‏ وقدَّم جون بار من الهيئة الحاكمة خطابَي التدشين.‏ قال پول إيڤانز،‏ مرسل منذ وقت طويل،‏ معبِّرا عن مشاعر كثيرين حضروا هذه المناسبة السعيدة:‏ «باركنا يهوه بما لم نحلم به».‏

الحق يغيِّر حياة الناس

عندما يمسُّ حق كلمة اللّٰه قلوب الناس،‏ يدفعهم الى العيش بانسجام مع مقاييس يهوه الرفيعة.‏ وقد اختبر الكثير من السامويين قدرة كلمة اللّٰه على تغيير حياة الناس.‏ —‏ اف ٤:‏٢٢-‏٢٤؛‏ عب ٤:‏١٢‏.‏

على سبيل المثال،‏ كان نڠونڠو وماريّا كوپو،‏ على حد قول السامويين،‏ «يعيشان في الظلمة»،‏ اي يعيشان معا دون زواج.‏ يوضح فْرِد ويڠنر:‏ «درسنا مع نڠونڠو وماريّا لبعض الوقت،‏ لكننا لم نعرف انهما غير متزوجين.‏ وذات يوم،‏ أَرَيَانا بكل اعتزاز وثيقة زواجهما التي حصلا عليها حديثا.‏ ولم يمضِ وقت طويل حتى اعتمدا.‏ ورغم ان نڠونڠو مات في ما بعد،‏ لا تزال ماريّا تخدم كفاتحة عادية في ساموا الاميركية».‏

ان التحدي الآخر الذي يواجه الجدد في ساموا يتعلق بقداسة الدم.‏ فعادةً يخنق السامويون الخنازير والدجاج قبل طهوها وأكلها،‏ ممارسة تحرِّمها كلمة اللّٰه.‏ (‏تك ٩:‏٤؛‏ لا ١٧:‏١٣،‏ ١٤؛‏ اع ١٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏)‏ مثلا،‏ دهشت امرأة في ساموا الاميركية عندما رأت في كتابها المقدس وصايا اللّٰه الواضحة المتعلقة بهذه المسألة.‏ توضح جولي-‏آن پادڠيت:‏ «على الرغم من ان عائلتها كانت تذهب الى الكنيسة وتقرأ الكتاب المقدس بانتظام،‏ فهي منذ الطفولة تأكل لحما لا يُستنزَف دمه.‏ ومع ذلك،‏ قبلت على الفور ارشاد الكتاب المقدس وصممت ألَّا تأكل البتة لحما لم يُستنزَف دمه».‏ واليوم،‏ ان موقف شهود يهوه المتعلق بقداسة الدم معروف جيدا في كل انحاء ساموا.‏ اضافة الى ان الاختصاصيين الطبيين في ساموا يحترمون عموما موقفنا من إجراءات نقل الدم.‏

احداث يسبِّحون خالقهم

يدرب الوالدون في ساموا اولادهم الصغار على الطهو،‏ التنظيف،‏ الاهتمام ببستان الخُضَر الخاص بالعائلة،‏ والاعتناء بالاخوة الاصغر.‏ ان مثل هذا التدريب المبكر يوضح لماذا يتحمَّل اولاد سامويون كثيرون مسؤولياتهم الروحية في سن غضة،‏ حتى ان البعض يتخذون موقفهم الى جانب يهوه دون مساعدة اعضاء عائلتهم.‏

مثلا،‏ توقف والدا آني روپاتي عن حضور الاجتماعات وهي بعمر ١٣ سنة.‏ لذلك كانت تجمع بانتظام اخويها واختها وتسير بهم مسافة ثمانية كيلومترات الى قاعة الملكوت من اجل حضور الاجتماعات.‏ ولاحقا صارت فاتحة وعملت في بناء مكتب الفرع في سيوسنڠا.‏ تكتب آني:‏ «ترك المرسلون اثرا بالغا في حياتي،‏ وقد ساعدوني لأتقدم روحيا».‏ وفي موقع البناء التقت ستيڤ ڠولد،‏ احد العمال المتطوعين من اوستراليا.‏ ثم تزوجا وعمِلا كخادمين امميين في مواقع البناء في جنوب شرق آسيا،‏ افريقيا،‏ وروسيا قبل ان يعودا الى بيت ايل في ساموا.‏ وهما الآن يخدمان في فرع اوستراليا.‏

التعليم عبر محطة الراديو

على مر السنين استخدم شهود يهوه وسائل متنوعة لنشر بشارة الملكوت.‏ وإحدى الوسائل الفعالة بشكل خصوصي هي الراديو.‏ فابتداء من كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٩٦،‏ قامت محطة راديو إف إم مقرها في آپيا بدعوة شهود يهوه الى تقديم برنامج اذاعي اسبوعي بعنوان «اجوبة عن اسئلتكم المتعلقة بالكتاب المقدس».‏

اعدَّ وقدَّم هذا البرنامج الاذاعي ليڤا فَيايِيو وپالوتا ألانڠي من فرع ساموا.‏ يوضح ليڤا:‏ «في برنامجنا الاول طرح الاخ ألانڠي عدة اسئلة مثل:‏ هل حدث طوفان ايام نوح؟‏ من اين اتت كل هذه المياه،‏ وإلى اين ذهبت؟‏ كيف اتَّسع الفلك لكل هذه الحيوانات؟‏ وقد اجبت انا عن الاسئلة باستخدام مقتطفات من مطبوعاتنا.‏ وفي نهاية البرنامج،‏ مهَّدنا للموضوع الذي سنناقشه الاسبوع التالي ودعونا المستمعين الذين لديهم اسئلة من الكتاب المقدس ان يتصلوا بشهود يهوه في منطقتهم.‏ وقد اجابت البرامج الاخرى عن اسئلة مثل:‏ لماذا اتخذ سليمان زوجات كثيرات في حين يجب على المسيحيين ان يتزوجوا امرأة واحدة فقط؟‏ هل يعذِّب اله المحبة الناس الى الابد بنار الهاوية؟‏ هل الكتاب المقدس من مصدر بشري ام إلهي؟‏».‏

استمر هذا البرنامج الاذاعي لأكثر من سنة وأثار اهتماما كبيرا.‏ يقول إيڤان تومپسون:‏ «عبَّر اشخاص كثيرون انهم يتمتعون بالبرنامج ويستمعون اليه بانتظام.‏ كما عبَّر آخرون انهم لم يكونوا يعلمون ان الكتاب المقدس يجيب عن اسئلة مثيرة للاهتمام كهذه».‏

الحاجة الى قاعات ملكوت

في تسعينات القرن العشرين،‏ كانت معظم الجماعات في ساموا وساموا الاميركية تجتمع في بيوت خاصة او في اماكن مصنوعة من اغصان الاشجار.‏ يقول ستيوارت دوڠال الذي خدم في لجنة البلد بين سنتي ٢٠٠٢ و ٢٠٠٧:‏ «غالبا ما كان المجتمع ينظر بازدراء الى اماكن الاجتماعات هذه».‏ وحتى قاعة الملكوت التي بُنيت منذ ٢٥ سنة في تافونا،‏ ساموا الاميركية،‏ كانت تبدو عتيقة الطراز.‏ لذلك حان الوقت لاستبدال البناء القديم بقاعة جديدة.‏

لكن قاعة الملكوت الجديدة استلزمت قطعة ارض اكبر،‏ الامر الذي يصعب الحصول عليه في جزيرة توتويلا الصغيرة.‏ فقصد الاخوة امرأة كاثوليكية بارزة تملك ارضا شاغرة في پيتيسا على بُعد مسافة قصيرة من قاعة الملكوت القديمة.‏ وعندما علمت المرأة ان الاخوة يريدون الارض لبناء بيت للعبادة،‏ وعدتهم ان تناقش المسألة مع ابنتها التي كانت تخطط لتشييد ابنية تجارية في ذلك الموقع.‏ فاستُجيبت صلوات الاخوة بعد ثلاثة ايام عندما قالت لهم المرأة انها ستبيع الارض لهم لأنه كما قالت،‏ «ينبغي ان يكون اللّٰه اولا».‏

يكتب والاس پيدرو:‏ «لقد اعطتنا ايضا صك الملكية قبل ان ندفع لها المال،‏ قائلة:‏ ‹انا اعلم انكم اشخاص نزهاء وستدفعون المبلغ بكامله›.‏ وهذا ما فعلناه بالتأكيد».‏ وفي سنة ٢٠٠٢،‏ دُشنت قاعة الملكوت الجميلة التي بُنيت في ذلك العقار،‏ وقد كانت مكيَّفة وتسع ٢٥٠ مقعدا.‏

في سنة ١٩٩٩،‏ وضع شهود يهوه برنامجا جديدا من اجل تقديم المساعدة في بناء قاعات الملكوت في البلدان ذات الموارد المحدودة.‏ وبالنسبة الى الجزر الساموية،‏ بُنيت اولى هذه القاعات في قرية ليفاڠا المنعزلة التي تقع على الساحل الجنوبي لجزيرة اوپولو.‏ فسابقا كانت الجماعة المؤلفة من عشرة شهود في ليفاڠا تجتمع في غرفة مفتوحة الجوانب ومسقوفة بالقش متصلة بواجهة بيت احد الناشرين.‏

اشرف على مشروع البناء جاك شيدي،‏ اخ اوسترالي سبق وخدم مع زوجته كورال في تونڠا طوال سبع سنوات.‏ يكتب:‏ «من بعيد بدا فريق البناء،‏ المؤلف من مزارعين وصيادي سمك وربات منازل،‏ كالنمل الذي يعجّ في وكره».‏

وسنة ٢٠٠١،‏ عندما تمَّ بناء قاعة الملكوت المزودة بـ‍ ٦٠ مقعدا،‏ عبَّر اهل القرية عن اعجابهم قائلين:‏ «تتميز قاعاتكم بالوقار والبساطة،‏ مما يجعلها جذابة.‏ وكم تختلف عن كنائسنا المزخرفة والمليئة بأثاث غالبا ما يبدو مهملا وغير نظيف».‏ وقد ازداد ايضا عدد حضور الاجتماعات بشكل ملحوظ.‏ ففي سنة ٢٠٠٤،‏ بلغ عدد حضور ذكرى موت المسيح في هذه القاعة الجديدة ٢٠٥ اشخاص.‏

وفي اواخر سنة ٢٠٠٥،‏ كان برنامج بناء القاعات في البلدان ذات الموارد المحدودة قد ساهم في بناء اربع قاعات ملكوت جديدة وترميم ثلاث قاعات في الجزر الساموية.‏ وكذلك رُممت قاعة محافل سيناموڠا في آپيا،‏ ساموا.‏ وكما هي الحال في الاماكن الاخرى ذات الموارد المحدودة،‏ يقدِّر الناشرون السامويون بعمق هذا الدعم الحبي من اخوتهم وأخواتهم المسيحيين حول العالم.‏ —‏ ١ بط ٢:‏١٧‏.‏

مواجهة الظروف المتغيِّرة

هاجر سامويون كثيرون الى بلدان اخرى.‏ فالآن،‏ على سبيل المثال،‏ تضم اوستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة،‏ وخصوصا هاواي،‏ جاليات ساموية كبيرة.‏ ويوجد في هذه البلدان اكثر من ٧٠٠ شاهد موزَّعين على ١١ جماعة وفريقين يعقدون اجتماعاتهم باللغة الساموية.‏ كما يخدم ناشرون سامويون آخرون في جماعات ناطقة باللغة الانكليزية في البلدان التي هاجروا اليها.‏

وقد سافر عدد من الشهود السامويين الى بلدان اخرى لتلقي تدريب روحي جيد،‏ ومن ثم عادوا إما الى ساموا او الى ساموا الاميركية ليضعوا التدريب الذي نالوه موضع التطبيق.‏ على سبيل المثال،‏ خلال تسعينات القرن العشرين،‏ حضر تلاليلاي لِياواناي،‏ سيتيڤي پاليسو،‏ كايسي پيتا،‏ فياتا سُوَا،‏ اندرو كو،‏ وسِيو تاوا مدرسة تدريب الخدام في اوستراليا ثم عادوا الى ساموا بغية تعزيز عمل الملكوت.‏ واليوم،‏ يخدم اندرو وزوجته فوتوُوسامُوا في بيت ايل في ساموا.‏ اما سِيو وزوجته إيسي،‏ فقد خدما في العمل الدائري عدة سنوات مع ابنهما الصغير إلناثان.‏ والآن يخدم سِيو في لجنة البلد.‏ كما يخدم متخرجون آخرون بأمانة كشيوخ او فاتحين او ناشرين في جماعاتهم.‏

وماذا كانت نتيجة هذا النشاط الجيد؟‏ في سنة ٢٠٠٨،‏ وصلت ذروة عدد الناشرين في الجماعات الـ‍ ١٢ في ساموا وساموا الاميركية الى ٦٢٠ ناشرا.‏ كما بلغ عدد حضور الذكرى اكثر من ٣٠٠‏,٢ شخص.‏ لذلك،‏ يُحتمل جدا ان يكون هناك مزيد من النمو في الجزر الساموية.‏

التقدُّم مع هيئة يهوه

على مر السنين تجاوب كثيرون من مستقيمي القلوب في ساموا مع بشارة ملكوت اللّٰه.‏ (‏مت ٢٤:‏١٤‏)‏ وكأجدادهم الذين جابوا البحار،‏ تغلبوا على صعوبات جمة في رحلتهم من عالم الشيطان القديم الى «موطن» روحي جديد ضمن هيئة يهوه التي يوجهها الروح القدس.‏ ولم تستطع عقبات مثل المقاومة العائلية،‏ النفي من المجتمع،‏ دعاية رجال الدين،‏ القيود الحكومية،‏ الاغراءات الجسدية،‏ ومحن اخرى ان تثنيهم عن خدمة الاله الحق،‏ يهوه.‏ (‏١ بط ٥:‏٨؛‏ ١ يو ٢:‏١٤‏)‏ والنتيجة؟‏ انهم الآن ينعمون بالأمان في الفردوس الروحي.‏ —‏ اش ٣٥:‏١-‏١٠؛‏ ٦٥:‏١٣،‏ ١٤،‏ ٢٥‏.‏

لكنّ رحلتهم لم تنتهِ بعد.‏ فلا تزال تكمن امامهم وُجهتهم الاخيرة:‏ الفردوس الارضي في ظل الحكم البار لملكوت اللّٰه.‏ (‏عب ١١:‏١٦‏)‏ وهكذا،‏ فإن شهود يهوه في الجزر الساموية،‏ بالاتحاد مع معشر اخوتهم العالمي وبتوجيه من كلمة اللّٰه وروحه القدس الفعال،‏ يتقدمون باطِّراد عاقدين العزم على بلوغ هدفهم.‏

‏[الحواشي]‏

^ ‎الفقرة 3‏ يشير الاسم «لاپيتا» الى موقع في كاليدونيا الجديدة حيث اكتُشفت لأول مرة اوانٍ فخارية مميّزة من صنع هذا الشعب.‏

^ ‎الفقرة 6‏ تغير اسم ساموا الغربية الى ساموا سنة ١٩٩٧.‏ لذلك سنستعمل الاسم ساموا في سياق هذه الرواية.‏

^ ‎الفقرة 10‏ استضاف السيد تاليوتافا يونڠ الاخ هارولد،‏ وفي وقت لاحق صار عدة متحدرين منه شهودا ليهوه.‏ وحاليا يخدم حفيده آرثر يونڠ كشيخ وفاتح في جماعة تافونا،‏ في ساموا الاميركية.‏ ويعتبر آرثر الكتاب المقدس الذي قدَّمه هارولد ڠيل لعائلته احد مقتنياته الاكثر قيمة.‏

^ ‎الفقرة 12‏ للسامويين اسم اول واسم عائلة.‏ على سبيل المثال،‏ پيليه هو الاسم الاول،‏ وفْوايوپولو هو اسم عائلته الذي اتخذه من ابيه.‏ وثمة سامويون مخوَّلون بأن يحصلوا على لقب مضاف الى اسم العائلة يعطى عادة للزعماء.‏ ولكن،‏ يتخلى بعض شهود يهوه عن ألقابهم او يرفضون الحصول على واحد منها،‏ اذ يشعرون ان لها مدلولا سياسيا او تعكس روح العالم.‏ وفي هذه الرواية سنستعمل عموما الاسم الاول ويليه اسم العائلة الاكثر شيوعا،‏ مثل پيليه فْوايوپولو.‏

^ ‎الفقرة 53‏ أُعيد اصدار هذا الفيلم على كاسيت فيديو سنة ١٩٥٥،‏ وهو متوفر بالاسبانية،‏ الالمانية،‏ الانكليزية،‏ الايطالية،‏ البرتغالية (‏البرازيلية والاوروبية)‏،‏ التشيكية،‏ الدانماركية،‏ السويدية،‏ الصينية (‏الكانتونية والمندَرينية)‏،‏ العربية،‏ الفرنسية،‏ الفنلندية،‏ الكورية،‏ النروجية،‏ الهولندية،‏ اليابانية،‏ واليونانية.‏

^ ‎الفقرة 123‏ اعتمد روپاتي حين زار نيوزيلندا لاحقا.‏

‏[النبذة في الصفحة ٧٧]‏

‏«هذه الليلة سمعتم رسالة الملكوت.‏ ورجائي المخلص هو ان تصغوا اليها»‏

‏[النبذة في الصفحة ٩٨]‏

‏«غالبا ما صار الاولاد يعلنون عن قدومنا الى القرية صارخين:‏ ‹لقد اتت هرمجدون›»‏

‏[النبذة في الصفحة ١٠٨]‏

‏«الباص الى ڤاڤاو دقيق المواعيد دائما:‏ موعده هو لحظة وصوله»‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٦٩،‏ ٧٠]‏

الديانات الساموية القديمة والجديدة

الديانات الساموية القديمة هي مزيج من الايمان بتعدد الآلهة،‏ مذهب الروحانية،‏ الارواحية،‏ وعبادة الاسلاف،‏ ولكن بدون هياكل او تماثيل او كهنوت منظَّم.‏ وقد تخلَّل الدين كل اوجه حياة السامويين.‏ فلماذا كانوا ارضا خصبة للتغيير الديني حين وصلت الجمعية الارسالية اللندنية سنة ١٨٣٠؟‏

ثمة اسطورة ساموية قديمة تقول ان دينا جديدا قويا سيُنهي سلطة الآلهة القديمة.‏ فظن الزعماء السامويون (‏الماتاي)‏ ان هؤلاء المرسلين يمثِّلون هذا الدين الجديد.‏ وقرر الملك مالييتُوا ان يعبد الإله المسيحي،‏ يهوه،‏ وأمر رعاياه ان يحذوا حذوه.‏

كسب المرسلون الكاثوليك والمنهجيون والمورمون،‏ اضافة الى مرسلي الجمعية الارسالية اللندنية،‏ عددا كبيرا من الأتباع.‏ واليوم،‏ ينتمي كل فرد تقريبا في الجزر الساموية الى واحدة من تلك الكنائس.‏ كما ان حكومة ساموا لديها الشعار الديني:‏ «ساموا مُنشئها اللّٰه»،‏ ولدى حكومة ساموا الاميركية الشعار:‏ «ليكن اللّٰه اولا في ساموا».‏ اضف الى ذلك ان البرامج الدينية التي تُبث على القنوات التلفزيونية شائعة جدا.‏

ان تأثير الدين قوي جدا في القرى حيث غالبا ما يختار الزعماء المحليون انتماء القرويين الديني،‏ حتى ان بعض القرويين يُجبرون على التبرع بأكثر من ٣٠ في المئة من مدخولهم لدعم الكهنة المحليين ومشاريع الكنيسة.‏ وذلك عبء يزيد من استياء كثيرين.‏ وأيضا تجري منافسات كثيرة لمعرفة مَن الذي يعطي اكثر.‏ كما تعلن بعض الكنائس اسماء الفائزين الذين تبرعوا بالمبلغ الاكبر.‏

وفي بعض القرى،‏ يتوقف العمل فجأة من اجل الصلاة اليومية سا،‏ وهي صلاة تستغرق من ١٠ الى ١٥ دقيقة يتلوها كل القرويين.‏ ويحمل الشبان عصيًّا كبيرة ويصطفون في الطرقات على مسافات متساوية لإرغام الناس على اتِّباع هذه العادة.‏ وقد يوبَّخ المخالفون،‏ او يغرَّمون ما يوازي ١٠٠ دولار اميركي،‏ او يُفرض عليهم تأمين الطعام لشيوخ المجلس او للقرية.‏ وفي الحالات القصوى،‏ يُضربون او يُطردون من القرية.‏

وذات مرة،‏ وصل ناظر الدائرة جون رودز وزوجته هيلِن الى قرية ساليمو في ساڤايي بعد رحلة شاقة.‏ وبما ان صلاة القرية اليومية كانت قد ابتدأت،‏ طلب الحراس منهما الانتظار عند اول القرية.‏ فوافقا عن طيب خاطر وانتظرا حتى انتهاء الصلاة،‏ ومن ثم ذهبا الى وجهتهما.‏

وعندما علم كبير زعماء القرية ان جون وهيلِن تأخرا عن موعدهما،‏ اعتذر من مضيفتهما.‏ وقال ان هذين الشاهدين هما ضيفان مكرَّمان وأمر الحراس ان يسمحا لهما بدخول القرية في اي وقت كان،‏ حتى اثناء تلاوة الصلاة.‏ ولماذا منحهما هذا الاعتبار الخصوصي؟‏ لقد كان ابنه الشاب سِيو يدرس الكتاب المقدس مع الشهود ويحرز تقدما روحيا رائعا.‏ واليوم،‏ سِيو تاوا هو عضو في لجنة البلد في ساموا.‏

‏[الصورة]‏

جون وهيلِن رودز

‏[الاطار في الصفحة ٧٢]‏

لمحة عن ساموا،‏ ساموا الاميركية،‏ وتوكيلاو

اليابسة:‏

تتكون ساموا من جزيرتين رئيسيتين اوپولو وساڤايي،‏ اضافة الى عدة جزر صغيرة آهلة بالسكان.‏ ويفصل بين الجزيرتين الرئيسيتين مضيق يبلغ عرضه ١٨ كيلومترا.‏ اما ساموا الاميركية فتقع على بعد نحو ١٠٠ كيلومتر جنوب شرق ساموا،‏ وتضم جزيرة رئيسية واحدة هي توتويلا،‏ بالاضافة الى جزر مانوا،‏ جزيرة سوينز،‏ اونو،‏ وروز الجزيرة المرجانية غير المأهولة.‏ وتتألف توكيلاو من ثلاث جزر مرجانية منخفضة تقع على بعد ٤٨٠ كيلومترا شمال ساموا.‏

الشعب:‏

يبلغ عدد السكان في ساموا اكثر من ٠٠٠‏,٢١٤ نسمة،‏ وفي ساموا الاميركية ٠٠٠‏,٥٧ تقريبا.‏ اما في توكيلاو فيبلغ ما يقارب ٤٠٠‏,١ نسمة.‏ وأكثر من ٩٠ في المئة من مجموع السكان هم بولينيزيون،‏ والباقون هم آسيويون،‏ اوروبيون،‏ او لهم اصل بولينيزي.‏

اللغة:‏

الساموية هي اللغة الرسمية،‏ رغم ان معظم الناس يتكلمون الانكليزية كلغة ثانية.‏ والتوكيلاوية المشابهة للساموية هي اللغة المحكية في توكيلاو.‏

سُبُل العيش:‏

من اهمها:‏ الزراعة،‏ السياحة،‏ صيد سمك التونة،‏ وتصنيع منتجات السمك.‏

الطعام:‏

يتألف الغذاء اليومي من مزيج من القُلقاس الغني بالنشويات،‏ والموز الفجّ،‏ وثمر شجرة الخبز،‏ وحليب جوز الهند.‏ وتتضمن الوجبات ايضا لحم الخنزير او الدجاج او السمك.‏ كما ان الفواكه المدارية كالپپّايا والاناناس والمنغا متوفرة بكثرة.‏

المناخ:‏

بما ان هذه الجزر تقع قرب خط الاستواء،‏ فمناخها حار ورطب معظم ايام السنة.‏ وتصل نسبة الامطار كل سنة الى اكثر من ٥ امتار في پاڠو پاڠو،‏ بتوتويلا،‏ احدى جزر ساموا الاميركية.‏

‏[الاطار في الصفحة ٧٥]‏

‏«كراس جيد جدا»‏

احضر الاخ هارولد ڠيل ٥٠٠‏,٣ نسخة من كراس اين هم الموتى؟‏ باللغة الساموية لتوزيعها في ساموا الاميركية.‏ وعندما قدّم للحاكم نسخة من الكراس،‏ اقترح الحاكم على هارولد ان يعرضه على كل من القادة الدينيين ليُعلِموا النائب العام إن كان من المناسب توزيعه على العموم.‏ ولكن كيف كان القادة الدينيون سيتجاوبون يا ترى؟‏

كان قس الجمعية الارسالية اللندنية ودودًا ولم يمانع.‏ وكذلك المجيئيون السبتيون لم يحفِلوا بما يفعله هارولد ما دام لا يسلبهم احدا من رعيتهم.‏ ومع ان القسيس الملحق بسلاح البحرية تكلم بأسلوب ساخر،‏ فهو لم يتصرف بعدائية.‏ لكنّ حادثا غريبا حال دون زيارة هارولد للكاهن الكاثوليكي.‏ فقد سبق وقدّم هارولد نسخة من الكراس للشرطي الساموي الذي اصطحبه الى الحاكم.‏ وبعد بضعة ايام،‏ سأل هارولد الشرطي إن كان قد تمتع بقراءة الكراس.‏

اجاب الشرطي بلغته الانكليزية الضعيفة:‏ «قال لي رئيسي [النائب العام]:‏ ‹اذهب الى كاهنك [الكاثوليكي] واسأله إن كان هذا الكراس جيدا›.‏ فجلست تحت شجرة وقرأته.‏ ثم قلت لنفسي:‏ ‹هذا الكراس جيد جدا،‏ ولكن اذا عرضته على الكاهن فسيقول:‏ «ليس كراسا جيدا»›.‏ عندئذ قلت لرئيسي:‏ ‹يا سيدي،‏ يقول الكاهن انه كراس جيد جدا›».‏

في وقت لاحق،‏ دعا النائب العام هارولد الى مكتبه.‏ وفيما كان يتصفّح الكراس،‏ اوضح له هارولد محتوياته.‏ فرفع النائب العام الهاتف وأجرى اتصالا ليمنح الإذن بتوزيع الكراس.‏ وكانت النتيجة ان معظم الكراريس التي احضرها هارولد تمّ توزيعها في كل انحاء الجزر.‏

‏[الاطار في الصفحة ٧٦]‏

عادات ساموا التقليدية

عام ١٨٤٧،‏ وصف جورج پرات،‏ احد مرسلي الجمعية الارسالية اللندنية،‏ شعب ساموا بأنهم «الاشد حرصا على اصول اللياقة في بولينيزيا،‏ إن لم نقل في العالم كله».‏ ان عادات ساموا التقليدية المعروفة بـ‍ فاآ سامُوا هي مجموعة قواعد منظمة للغاية تسود كل اوجه حياة شعب ساموا.‏

يذكر كتاب جزر ساموا ان اهم ما في مجموعة القواعد هذه هو «احترام،‏ وحتى توقير ‹ذوي المكانة الارفع›»‏‏.‏ وينعكس هذا الاحترام في السلوك الحسن،‏ الكلام اللائق،‏ وولاء الفرد لعائلته وقريته.‏ فمعظم السامويين يعتبرون انه لا مجال للتفكير في رفض عادات ودين اسلافهم.‏

يُعتبر زعماء العائلة (‏الماتاي)‏ حرَّاس هذا التقليد،‏ وهم يديرون الشؤون اليومية لمجموعة أُسرية واحدة او اكثر ويمثلونها في مجلس القرية.‏ كما انهم يتطلّبون طاعة عمياء ويحرصون على ان تُنفَّذ اوامرهم تحت طائلة فرض الغرامات او الضرب او حتى الطرد من القرية.‏ على سبيل المثال،‏ فرض الماتاي في احدى القرى غرامة مالية على رجل دين جعل الصبيان يرشقون شهود يهوه بالحجارة.‏

يتراوح عدد الماتاي في القرية بين ١٠ و ٥٠.‏ ويُنتخب معظم هؤلاء من قِبل المجموعات الأُسرية (‏إينڠا)‏،‏ لكنّ البعض يرثون المنصب بشكل آلي.‏ ويتم تنظيم الالقاب وفق تسلسل هرمي محدد.‏ فكبير الزعماء (‏ألِيي)‏ يرأس مجلس القرية،‏ اما الزعيم المحاضِر (‏تولافالِه)‏ فيُعني بالمسائل الشعائرية.‏ غير انه لا توكل الى جميع الماتاي مهام سياسية او دينية.‏ فأعمال البعض قد تقتصر على مجرد الاعتناء بالمسائل العائلية،‏ كأن يكونوا اوصياء على اراضي العائلة مخوَّلين ان يقرروا كيفية استخدام تلك الملكيات.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٧٩]‏

‏«رجل يهوه»‏

سَوڤاو طوتو

تاريخ الولادة:‏ ١٩٠٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٤

لمحة عن حياته:‏ اول مَن قبِل الحق في فَلاسِيو.‏ وقد بُنيت قاعة ملكوت لاحقا في ارضه.‏ كما رواه ابنه تافينڠا سَوڤاو

سنة ١٩٥٢،‏ اتى احد انسباء والدي من آپيا لزيارة عائلتنا في فَلاسِيو.‏ كان هذا الشخص يعاشر شهود يهوه وقد رغب في مناقشة الكتاب المقدس مع والدي.‏ لذا قرر العديد من اقربائنا في القرية ان ينضموا للاصغاء الى المحادثة.‏ فواصلوا الحديث من صباح يوم السبت حتى بعد ظهر الاثنين،‏ ولم يتوقفوا سوى ساعة واحدة للنوم.‏ وبعد عدة مناقشات مماثلة امتدت على مدى اربع نهايات اسابيع،‏ قال والدي اخيرا:‏ «اشبعتُ فضولي.‏ لقد وجدت الحق».‏ وهكذا،‏ قبِل ابي الحق وأيضا صهره،‏ فيناو فيومايِيا،‏ وعائلتاهما.‏

ابتدأ ابي في الحال بعمل الشهادة.‏ وقد صدم هذا اقرباءنا الذين كانوا يعتبرونه من المجيئيين السبتيين المتديِّنين.‏ فراحوا يدعونه باستهزاء رجل يهوه.‏ ولكن،‏ يا له من اطراء!‏ ومع ان والدي كان قصير القامة،‏ فقد كان مقداما،‏ صافي الذهن،‏ ويتكلم بإقناع.‏ وقد مكّنه هذا من الدفاع عن ايمانه الحديث بكل براعة.‏ ومع مرور الوقت،‏ اصبح فريقنا الصغير ثاني جماعة تشكلت في ساموا.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨٣]‏

الامانة رغم الصحة الرديئة

فانڠاليما تواتانڠالوَا

تاريخ الولادة:‏ ١٩٠٣

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٣

لمحة عن حياته:‏ رفض الفرصة ان يشغل مركز ماتاي بارز وأصبح فاتحا عاديا.‏

في وقت لاحق،‏ على الرغم من ضعف نظره وتشوُّه قدمه من الولادة،‏ خدم فانڠاليما طيلة سنوات كفاتح خصوصي في مختلف انحاء ساموا.‏ وعندما رافقه احد نظار الدوائر في الخدمة من بيت الى بيت،‏ لاحظ انه يقرأ الآيات بدقة من دون الاستعانة بنظّارته،‏ فسأله إن كان نظره يتحسّن.‏ اجاب فانڠاليما انه يقتبس الآيات من ذاكرته لأنه اضاع نظّارته.‏

عندما رغب فانڠاليما بشدّة ان يحضر محفلا في فيجي،‏ عمل وحده في ناحية بعيدة من اوپولو في جمع جوز الهند طيلة اربعة اسابيع.‏ وعلى الرغم من التشوّه في قدمه،‏ كان يحمل ١٥ جوزة هند دفعة واحدة ويسير بها ثلاثة كيلومترات حتى يصل الى حيث يمكنه ان ينزع عنها قشرتها الخارجية ليستخرج لبّها ويجففه.‏ بعد ذلك،‏ باع فانڠاليما لب جوز الهند المجفف وسافر الى آپيا ليدفع اجرة سفره الى فيجي،‏ انما ليكتشف ان ثمن الرحلة قد ازداد بشكل يفوق امكاناته.‏ وعوض ان يتذمر او يستسلم او يطلب المساعدة،‏ عاد ليقطع المزيد من جوز الهند ويكسب المال اللازم للرحلة.‏ وقد فعل ذلك كله ليحضر محفلا ظنّ انه سيُعقد بلغتين لا يفهمهما.‏ وكم كوفئ عندما وصل الى فيجي واكتشف ان معظم برنامج المحفل سيقدَّم بلغته!‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨٧]‏

‏«تمتعتُ بكل يوم»‏

رونالد سيلارز

تاريخ الولادة:‏ ١٩٢٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٠

لمحة عن حياته:‏ انتقل الى ساموا مع زوجته اولِڤ (‏دوللي)‏ ليخدما كفاتحَين خصوصيين عام ١٩٥٣.‏ تخرَّج من مدرسة جلعاد الارسالية سنة ١٩٦١،‏ وما زال يخدم كفاتح خصوصي في ساموا الاميركية.‏

عندما رفضت حكومة ساموا ان تمدد تأشيرتينا،‏ انتقلت مع دوللي الى ساموا الاميركية.‏ نزلنا من العبّارة على رصيف پاڠو پاڠو المهجور عند الساعة الثالثة فجرا.‏ لقد كنا الناشرَين الوحيدين في ذلك البلد،‏ ولم يكن في حوزتنا سوى ١٢ دولارا اميركيا.‏ وفي وقت لاحق من صباح ذلك اليوم،‏ تكرّم بإضافتنا والد احد تلاميذ الكتاب المقدس السابقين.‏ فنمنا في زاوية مفصولة بستارة عن بقية منزله المؤلف من غرفة واحدة.‏ ومع اننا كنا نرغب في البحث عن منزل خاص بنا نقيم فيه،‏ بدأنا نقدم الشهادة للمنزل المجاور.‏

بعد عدة اسابيع،‏ استأجرنا شقة سكنية كبيرة فوق متجر عام في قرية فاڠاتوڠو.‏ كانت الشقة تطل على منظر خلاب لميناء پاڠو پاڠو الرائع والمهجور بالكامل.‏ لقد سبق وقال لنا الاخ نور:‏ «عندما تذهبون الى جزر المحيط الهادئ،‏ قد تفتقرون الى وسائل الراحة.‏ حتى انكم قد تضطرون الى بسط صناديق المطبوعات على الارض وافتراشها للنوم».‏ وهذا ما فعلناه.‏ وقد انقضت اشهر قبل ان نتمكن من جمع المال اللازم لنصنع سريرا وطاولة وكراسي.‏ ورغم ذلك،‏ سُررنا بأن يكون لدينا مكان نأوي اليه.‏

مع ان زوجتي الحبيبة ماتت سنة ١٩٨٥،‏ ما زلت اذهب الى الخدمة معظم الايام.‏ وإذ اعود بالذاكرة الى اكثر من ٥٠ سنة قضيتها في الخدمة كفاتح ومرسل،‏ لا يسعني سوى القول بصدق انني تمتعتُ بكل يوم.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٨٨]‏

‏«غرسوا فيَّ محبة ليهوه»‏

والاس پيدرو

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٥

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٥

لمحة عن حياته:‏ اول شخص اعتمد في ساموا الاميركية.‏ خدم فاتحا مع زوجته كارولين قبل ان يؤسسا عائلة.‏ وهما يخدمان حاليا في سيياتل بولاية واشنطن الاميركية.‏

عندما درست الكتاب المقدس وبدأت بالكرازة،‏ طردتني عائلتي من البيت وأنا لا املك شيئا سوى الملابس التي ارتديها!‏ فنمت تلك الليلة على الشاطئ.‏ وصليت الى يهوه طالبا الشجاعة لأخدمه أيا كانت العاقبة.‏

في اليوم التالي،‏ عندما كنت في مكتبة المدرسة فوجئت بدخول الاخ پول إيڤانز.‏ وإذ شعر بأني لم اكن على ما يرام،‏ قال لي:‏ «لنذهب الى بيت المرسلين ونتكلم هناك».‏ فدعاني المرسلون الى الاقامة معهم،‏ واعتمدت لاحقا في تلك السنة.‏

بعد التخرج من المدرسة الثانوية،‏ خدمت كفاتح مع المرسلين.‏ وفيما بعد،‏ تزوجت كارولين هِنش،‏ فاتحة كندية غيورة كانت قد خدمت في فيجي.‏ وبدأنا نخدم كفاتحَين خصوصيين في ساموا الاميركية.‏

لان تدريجيا موقف والديّ.‏ فبدأ ابي يدرس الكتاب المقدس قبل موته،‏ واعتمدت امي بعمر ٧٢ سنة.‏ كم انا شاكر على المثال الذي رسمه اولئك المرسلون الاوائل!‏ فقد غرسوا فيّ محبة ليهوه لا تزال تدعمني حتى هذا اليوم.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ٩١،‏ ٩٢]‏

المثابرة تثمر

پول إيڤانز

تاريخ الولادة:‏ ١٩١٧

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٤٨

لمحة عن حياته:‏ خدم مع زوجته فرانسيس كمرسلَين في ساموا وساموا الاميركية لأكثر من ٤٠ سنة.‏

عندما بدأت مع زوجتي العمل الدائري سنة ١٩٥٧،‏ لم يكن دخول ساموا بالامر السهل لأن الحكومة كانت تحاول عزل الشهود المحليين عن اي دعم خارجي.‏ حتى انه كان على الزوار والسياح توقيع بيان يتعهدون فيه بعدم ممارسة نشاط الهداية خلال اقامتهم.‏ لذلك،‏ في زيارتي الاولى الى ساموا كناظر دائرة،‏ سألت المسؤول في دائرة الهجرة عما تعنيه الكلمة «هداية».‏ وعندما بدا مرتبكا سألته:‏

«لنفترض انك كاثوليكي تزور بلدا آخر وذهبت الى الكنيسة.‏ فهل يمكنك ان تتقدم لإلقاء خطاب اذا ما طُلب منك ذلك؟‏».‏

اجاب:‏ «لا شك ان هذا ممكن».‏

فتابعت قائلا:‏ «انت تعلم ان شهود يهوه يزورون الناس في بيوتهم حاملين اليهم رسالة من الكتاب المقدس.‏ فإذا طلب مني اصدقائي ان ارافقهم في هذا العمل،‏ فهل هذا مسموح؟‏».‏

اجاب:‏ «لا بأس بذلك على الارجح».‏

فسألت مستفسرا:‏ «لكن ما العمل اذا طرح عليّ صاحب البيت سؤالا؟‏ هل يمكنني ان اجيبه؟‏».‏

قال:‏ «لست ارى اية مشكلة في ذلك».‏

فاختتمت بالقول:‏ «حسنا.‏ لقد صرت اعلم على الاقل ما يمكنني فعله».‏

وخلال مغادرتي للبلاد بعد زيارة دائرية ناجحة،‏ سألت هذا المسؤول عينه إن كانت قد بلغته اية تقارير سلبية حول زيارتنا.‏

فأجاب:‏ «كلا على الاطلاق،‏ كل شيء كان على ما يرام».‏

سألته:‏ «ما العمل للحصول على الإذن لزيارتنا التالية؟‏».‏

فأسدى إلي النصيحة التالية:‏ «لا تقدِّم الطلب من خلال دائرة الهجرة،‏ بل اكتب إلي رسالة شخصية،‏ وسأحرص على ان تحصل على الإذن».‏

وهذا ما فعلناه لعدة زيارات.‏

انما من المؤسف ان المسؤولين الذين خلفوا هذا الرجل غير المتحيّز كانوا اقل تعاونا ورفضوا السماح لنظار الدوائر لاحقا بدخول ساموا.‏ وقد استمر الوضع على هذه الحال حتى سنة ١٩٧٤،‏ عندما منحتني الحكومة مع فرانسيس الإذن الشرعي بالخدمة كمرسلَين.‏ فأثمر اخيرا صبرنا ومثابرتنا.‏

‏[الصورة]‏

پول وفرانسيس إيڤانز

‏[الاطار في الصفحة ٩٧]‏

لغة خَطابة بليغة

تتسم اللغة الساموية بنغمات صوتية متموِّجة يحلو الاستماع إليها.‏ ولكن يذكر فْرِد ويڠنر:‏ «بما ان الكثير من الكلمات يبدو كخليط مشوِّش من حروف اللين،‏ يحتاج المرسلون الى الكثير من التمرين (‏فاآتاييتاينڠا‏)‏ والتشجيع (‏فاآلايايْيُووِينا‏)‏ لإتقان اللغة».‏

تلعب الخَطابة الشيّقة والاقوال المأثورة دورا مهما في العادات الساموية.‏ فالزعماء (‏الماتاي)‏ والخطباء (‏تولافالِه،‏ الزعماء المحاضِرون)‏ يحبون الاقتباس من الكتاب المقدس واستخدام البلاغة في المناسبات الرسمية.‏ وتبرز الكياسة التقليدية للشعب الساموي بشكل خصوصي حين يستخدمون،‏ وفقا لما تقتضيه الحاجة،‏ التعابير الرسمية والخاصة بالمناسبات بدقة متناهية.‏ كما تتميز اللغة الساموية بلغة «الزعامة» (‏تاوتالا لِلاي‏)‏ الشاملة المتكاملة المستخدَمة عند التكلم عن اللّٰه،‏ الزعماء،‏ ذوي السلطة،‏ والزوار الاجانب.‏ وبالمقابل،‏ يستخدم السامويون في لغة التخاطب اليومية او عند التكلم عن انفسهم،‏ اللغة المحكية (‏تاوتالا لِيانڠا‏)‏ بطريقة تعبيرها الأقل تكلُّفا ورسميةً.‏

وللحؤول دون التسبب بأية اساءة عند التكلم عن الكتاب المقدس او عند مناقشة المسائل الرسمية والخاصة بالمناسبات،‏ تستخدم لغة «الزعامة» الساموية التي تنمّ عن الاحترام تعابير اجلال خصوصية.‏ يوضح جفري جاكسون،‏ عضو في الهيئة الحاكمة خدم كمرسل في ساموا:‏ «بما ان التهذيب والاحترام سائدان في اللغة كلها،‏ فمن المهم عند تقديم الشهادة للسامويين ان نخاطبهم بتعابير مهذبة تُستعمل عادة للشخصيات البارزة،‏ وفي الوقت نفسه ان نتَّبع العادة المتواضعة لاستخدام الكلمات العامية عند التكلم عن انفسنا».‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ٩٩]‏

‏‹غادرنا بدموع كثيرة›‏

روبرت بويس

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٩

لمحة عن حياته:‏ خدم مع زوجته اليزابيث (‏بيتي)‏ كمرسلَين في جزر ساموا من سنة ١٩٧٨ حتى ١٩٨٦.‏

اكتشفنا مُذ وصلنا ان شعب ساموا الاميركية يقدّر جهودنا لتعلم اللغة الساموية ويتغاضى عن اخطائنا اللغوية الكثيرة.‏ فذات مرة،‏ استخدمت الرؤيا ١٢:‏٩ لأوضح مدى تأثير الشيطان في العالم.‏ لكنّ الكلمتين السامويتين اللتين تقابلان ابليس (‏تياپولو‏)‏ وليمون حامض (‏تيپولو‏)‏ متشابهتان جدا.‏ وإذ خلطتُ بين الكلمتين،‏ اوضحت ان «الليمون الحامض» طُرح من السماء وهو يضلّ المسكونة كلها.‏ وقلت ايضا ان يهوه سيسحق «الليمون الحامض» ويضع له حدًّا عما قريب.‏ وطبعا،‏ انفجر صاحب البيت ورفيقي المرسل بالضحك.‏

وفي مناسبة اخرى،‏ ألقيتُ على سيدة ساموية قابلتها في الخدمة من بيت الى بيت عرضا حفظته عن ظهر قلب.‏ وعلمتُ لاحقا ان الجزء الوحيد الذي فهمَتْه من العرض هو الاشارة المختصرة الى الرؤيا ٢١:‏٤‏.‏ وإذ شعرَت المرأة بأهمية رسالتي،‏ دخلَت في الحال وقرأت الآية من كتابها المقدس.‏ وقد مسّت هذه الآية الواحدة قلب المرأة بحيث قبلت لاحقا درسا في الكتاب المقدس واعتنقت الحق مع اولادها.‏

من المفرح اننا أتقنّا اخيرا اللغة الساموية وتمتعنا باختبارات رائعة كثيرة.‏ وعندما اجبرَتنا المشاكل الصحية على العودة الى الولايات المتحدة،‏ غادرنا ساموا بدموع كثيرة.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٠١،‏ ١٠٢]‏

‏‹حضرت البلدة كلها›‏

كان مأتم فْرِد وليمز في خمسينات القرن العشرين من اضخم المآتم التي جرت في آپيا.‏ ففْرِد،‏ المعروف بالربّان،‏ كان بحّارا قديما متقاعدا قوي البنية متزوجا من شاهدة ليهوه.‏ وقد جاب بحار العالم كله،‏ وذاع صيته في كل انحاء المحيط الهادئ الجنوبي.‏ ومن بين مآثره البطولية الكثيرة العودة بطاقمه سالما على متن قارب نجاة مكشوف مسافة ألف وخمسمئة كيلومتر في المحيط بعدما كادوا يفرغون من المواد الغذائية عقب انكسار السفينة على حيد بحري بعيد.‏

كان الربّان يعتبر ان ممارسات الناس الدينية هي بشكل عام ريائية.‏ غير ان هذا البحّار الذي درج على شرب الويسكي والمقامرة درس الكتاب المقدس مع بيل موس وصار شاهدا غيورا.‏ وبحلول وقت معموديته،‏ كان قد اصبح شبه اعمى وطريح الفراش.‏ لكنه لم يحجم قط عن اخبار زواره الكثيرين بإيمانه الحديث،‏ بمَن فيهم الكثير من رجال الدين.‏

عندما مات الربّان،‏ نصّت وصيته ان يقيم شهود يهوه له المأتم وأن يُدفن في البحر.‏ تكتب ڠيرلي موس:‏ «بدا وكأن البلدة كلها حضرت المأتم.‏ فقد اعلنت اذاعة الراديو خبر وفاته،‏ ونكَّست المؤسسات التجارية في آپيا أعلامها من قَبيل الاحترام».‏ وبالاضافة الى جميع الشهود،‏ حضر المأتم محامون،‏ اساتذة مدارس،‏ قادة دينيون بارزون،‏ وكثيرون من التجار.‏

أولى الجميع الخطيب،‏ بيل موس،‏ انتباها كبيرا فيما كان يستخدم الكثير من آيات الكتاب المقدس ليشرح رجاء الربّان بالقيامة على ارض فردوسية.‏ تقول ڠيرلي:‏ «غمرني شعور كبير بالمحبة تجاه الربّان،‏ لأنه اعدّ ان تقدَّم هذه الشهادة في مأتمه لكثيرين ممن يصعب عادة الاتصال بهم او التكلم اليهم في الخدمة من باب الى باب.‏ فخطر ببالي هابيل الذي ‹يتكلم بعد،‏ مع أنه مات›».‏ (‏عب ١١:‏٤‏)‏ «فمن خلال مأتمه،‏ قدَّم الربّان شهادة عظيمة يوم مماته».‏

بعد خطاب الدفن الذي أُلقي في منزل الربّان،‏ اتجه موكب من اكثر من ٥٠ سيارة الى الميناء.‏ تكتب ڠيرلي:‏ «غص الرصيف بالمتفرجين لدرجة ان الشرطة اضطرت الى ابقاء المجال مفتوحا امامنا لنصل الى القارب.‏ ثم برفقة العائلة وبعض المواطنين البارزين،‏ ركبنا على متن اليخت أوُوليلِه (‏السحابة الطائرة‏)‏ وانطلقنا الى عرض البحر».‏ وكم كان مناسبا اسم اليخت،‏ لأن بيل اضطر الى التشبّث بالسارية فيما كانت الامواج تتقاذف اليخت كقطعة فلّين،‏ والرياح العاتية تعصف به وبملابسه وبصفحات كتابه المقدس.‏ اخيرا،‏ قرأ بيل وعد الكتاب المقدس بأن ‹البحر سيسلّم الاموات الذين فيه› وصلّى.‏ (‏رؤ ٢٠:‏١٣‏)‏ بعد ذلك،‏ أُنزل جثمان الربّان الملفوف بكفن والمزوَّد بأثقال في مياه المحيط الهادئ الذي طالما احبه.‏ وقد ظل الناس يتكلمون عن هذا المأتم مدة طويلة،‏ ما اتاح فرصا كثيرة لمزيد من الشهادة.‏

‏[الصورة]‏

‏«الربّان» فْرِد وليمز قبل معموديته

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٠٩،‏ ١١٠]‏

‏«تمكَّنا من العودة اليها مرارا»‏

فْرِد ويڠنر

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٣

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٥٢

لمحة عن حياته:‏ يخدم مع زوجته شيرلي في بيت ايل في ساموا.‏ وهو عضو في لجنة البلد.‏

بُعيد زواجنا سنة ١٩٥٦،‏ انتقلنا من اوستراليا الى ساموا الاميركية لنخدم كفاتحَين خصوصيين.‏ كان تعييننا الاول في لاوليي،‏ قرية صغيرة عند المدخل الشرقي لميناء پاڠو پاڠو.‏ وقد سكنّا هناك في كوخ متهدم من دون ابواب ولا نوافذ ولا سقف ولا حتى شبكة مياه.‏ وما إن جعلنا الكوخ صالحا للسكن،‏ حتى كبرت عائلتنا.‏ فقد اتى حدث من السكان المحليين اسمه والاس پيدرو ليسكن معنا ويخدم كفاتح بعد ان طرده والداه المقاومان من المنزل.‏

بعد سنتين،‏ حضرنا مدرسة جلعاد وعُيِّنا للخدمة كمرسلين في تاهيتي.‏ غير ان اقامتنا فيها لم تدُم طويلا،‏ لأن الحكومة رفضت طلبنا للخدمة هناك كمرسلين وأبلغتنا خطيا بكل احترام بوجوب المغادرة على متن اول طائرة.‏ وعند عودتنا الى ساموا الاميركية،‏ خدمنا مع پول وفرانسيس إيڤانز ورون ودوللي سيلارز في بيت المرسلين في فاڠاتوڠو،‏ پاڠو پاڠو،‏ حيث كنت اطبع برج المراقبة و خدمتنا للملكوت بالساموية على آلة نسخ قديمة موضوعة على طاولة غرفة الطعام.‏ وفي سنة ١٩٦٢،‏ دُعيتُ مع شيرلي للابتداء بالعمل الدائري.‏ وقد غطّت دائرتنا الاولى معظم المحيط الهادئ الجنوبي،‏ بما في ذلك توڤالو،‏ تونڠا،‏ ساموا،‏ ساموا الاميركية،‏ ڤانواتو،‏ فيجي،‏ جزر كوك،‏ كيريباتي،‏ ونييووي.‏

بعد ثماني سنوات وُلد ابننا دارِل،‏ فاتخذنا من ساموا الاميركية مقرا دائما لنا،‏ حيث خدمت كفاتح خصوصي،‏ فيما صرفت شيرلي معظم وقتها في ترجمة مطبوعات الكتاب المقدس الى اللغة الساموية.‏

في تلك الاثناء،‏ كنت اعمل مع اخ غطاس يصطاد أذن البحر لأعيل عائلتي.‏ وذات مرة،‏ تعطل المحرك الجانبي لقاربه الصغير وتهنا في البحر اربعة ايام.‏ وقبل ان يتم انقاذنا جرفنا التيار مئات الكيلومترات،‏ نجونا من عاصفة هوجاء،‏ لم تلحظنا ٣٢ سفينة،‏ وكادت ترتطم بنا سفينة شحن ضخمة.‏ وبُعيد ذلك،‏ اكتشفتُ وشيرلي اننا سنُرزق بطفل آخر.‏ وهكذا،‏ في سنة ١٩٧٤،‏ قررنا مكرهين ان نعود الى اوستراليا حيث وُلدت ابنتنا تماري.‏

كثيرا ما فكرنا خلال السنوات التي تلت في العودة الى تعييننا الارسالي الحبيب.‏ لذا،‏ تخيّل مدى سرورنا عندما دُعيتُ انا وشيرلي الى العودة الى ساموا سنة ١٩٩٥ مع تماري،‏ للخدمة في بيت ايل.‏ وبعد سنة،‏ دُعيتُ انا وشيرلي لمعاودة العمل الدائري بعد توقف دام ٢٦ سنة.‏ ويا للفرح الذي غمرنا عندما اجتمعنا ثانية بالعديد من الامناء القدامى الذين عملنا معهم منذ سنوات في ساموا وساموا الاميركية وتونڠا!‏ —‏ ٣ يو ٤‏.‏

واليوم،‏ اخدم انا وشيرلي الى جانب تماري وزوجها هيدِيوكي موتووِي في بيت ايل في ساموا.‏ وكم يسعدنا اننا تمكَّنا من العودة اليها مرارا!‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١١٣،‏ ١١٤]‏

‏‹يهوه استجاب صلواتي›‏

فينڠايي تو

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٢

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٤

لمحة عن حياتها:‏ خدمت كفاتحة في جزيرتي اوپولو وساڤايي من سنة ١٩٦٥ الى ١٩٨٠.‏ وهي تعيش الآن في ساڤايي.‏

منذ ولادتي اعاني تشوُّها كبيرا في قدميَّ.‏ وقد اسفر ذلك عن التواء باطن قدميَّ الى ما تحت العقِب،‏ ما جعل المشي صعبا عليَّ جدا.‏

عندما سمعت الحق للمرة الاولى،‏ تأثرت بعمق.‏ وقد اعترتني رغبة شديدة في حضور اجتماعات الجماعة،‏ إلا ان السير في الطرقات الصخرية الوعرة بدا مستحيلا.‏ لكنني صرت اخيرا بارعة جدا في صنع احذيتي الخاصة من الصنادل المطاطية،‏ الامر الذي اتاح لي ان امشي بارتياح اكبر.‏

ابتدأت بعمل الفتح بُعيد معموديتي.‏ ثم بعدما قضيت تسع سنوات في عمل الفتح في جزيرة اوپولو،‏ انتقلت مع اختي وزوجها الى ساڤايي،‏ حيث الحاجة الى كارزين بالملكوت.‏ وهناك انخرطت في خدمة الفتح الخصوصي مع ابنة اختي كومي فاليمايا.‏

كنا انا وكومي نسافر بالباص كل اسبوع من فاڠا الى لاتا،‏ قرية صغيرة تقع على الساحل الغربي لساڤايي.‏ وبعد ان نعقد درسا في الكتاب المقدس مع امرأة في لاتا،‏ نسير مسافة ثمانية كيلومترات الى قرية تاڠا لندرس مع امرأة اخرى.‏ وقد كنا نبيت عند هذه المرأة وعائلتها،‏ ثم نرجع الى فاڠا في الباص الذي يسافر صباحا.‏ بقينا على هذه الحال نحو سنتين.‏ ولسعادتنا،‏ صارت هاتان المرأتان مع عائلتيهما شهودا غيورين ليهوه.‏

عندما ترك اقربائي ساڤايي،‏ بقيت للاعتناء بفريق صغير من الاخوات والنساء المهتمات في فاڠا.‏ كنت ادير درس برج المراقبة ودرس الكتاب الجَماعي كل اسبوع،‏ وآخذ الاخوات معي في الخدمة من بيت الى بيت.‏ ومرة واحدة في الشهر كان يأتي شيخ من آپيا ليدير اجتماعنا يوم الاحد.‏ ورغم ان زعيم القرية منعنا ان نرنم ترانيم الملكوت في اجتماعاتنا،‏ فقد كنا نستعيض عن ذلك بقراءة الكلمات بصوت عال.‏ بعد خمس سنوات،‏ وصل ليڤا وتنيسيا فَيايِيو،‏ زوجان مرسلان من نيوزيلندا،‏ لمد يد المساعدة لفريقنا الصغير.‏ ثم تبعهما آخرون.‏ واليوم،‏ يوجد في ساڤايي جماعتان نشيطتان،‏ واحدة في فاڠا والاخرى في تاڠا.‏

مع انني لم اتزوج قط،‏ فأنا احب الاولاد وقريبة منهم دائما.‏ حتى ان بعض الاولاد عاشوا معي لفترة من الوقت.‏ ويفرحني جدا ان ارى «اولادي» الروحيين يتقدمون ويتخذون موقفهم الى جانب يهوه.‏

انا الآن مسنة ولم يعد بإمكاني الذهاب من باب الى باب.‏ لذا اعقد دروس الكتاب المقدس في بيتي وأشهد للناس الذين ألتقيهم في المستشفى.‏ مع ذلك،‏ شعرت بالتثبط بسبب قدراتي المحدودة،‏ فصليت الى يهوه ليساعدني على فعل المزيد.‏ ولاحقا،‏ علَّمني بعض المرسلين في الجماعة تقديم الشهادة بواسطة الهاتف.‏ وإذ اعود بالذاكرة الى الوراء،‏ ارى ان يهوه قد استجاب صلواتي فعلا.‏

‏[الاطار/‏الرسم في الصفحة ١١٨]‏

امس واليوم وغدا

مع ان سكان ساموا وتونڠا يضبطون ساعاتهم على نفس التوقيت،‏ فالتقويم في تونڠا يتقدَّم يوما واحدا.‏ ولماذا؟‏ تقع ساموا وتونڠا على جانبَي خط التوقيت الدولي،‏ تونڠا الى الغرب وساموا الى الشرق.‏ وهكذا،‏ رغم انه تفصل بينهما مسافة قصيرة،‏ فتونڠا هي من اول البلدان في العالم التي تحتفل بالذِّكرى السنوية لموت المسيح،‏ اما ساموا فهي من آخرها.‏

‏[الرسم]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

/‏

/‏

/‏

/‏

/‏ ساموا

| ٠٠:‏٧ ب‌ظ

| الاربعاء

|

|

|

|

|

تونڠا |

٠٠:‏٧ ب‌ظ | المحيط الهادئ الجنوبي

الخميس

|

|

خط التوقيت | الدولي

|

| نييووي

|

|

|

|

|

|

|

|

‏[الاطار‏/‏الصورتان في الصفحتين ١٢٣‏،‏ ١٢٤]‏

ترجمة للكتاب المقدس تكرم اسم اللّٰه

سنة ١٨٨٤،‏ انتج مرسلو العالم المسيحي ترجمة للكتاب المقدس باللغة الساموية استعملت اسم يهوه في كامل الاسفار العبرانية.‏ وفي الاسفار اليونانية المسيحية وردت ايضا اربع مرات الصيغة المختصرة لاسم اللّٰه في عبارة أليلويا التي تعني «سبِّحوا ياه».‏ (‏رؤ ١٩:‏١-‏٦‏)‏ لكنّ الطبعة المنقَّحة التي صدرت سنة ١٩٦٩ حذفت اسم يهوه من كل الآيات.‏ إلَّا انه يرد في آية واحدة فقط،‏ وعلى ما يبدو سهوا من المترجمين.‏ (‏خر ٣٣:‏١٤‏)‏ وقد حذفت السلطات الكنسية ايضا الاسم الالهي من كتب التراتيل وحاولت ان تثني اعضاء الكنيسة عن استعمال اسم يهوه.‏

ولكن،‏ في تشرين الثاني (‏نوفمبر)‏ سنة ٢٠٠٧،‏ فرح محبو الكتاب المقدس في ساموا بتسلّم الاسفار اليونانية المسيحية —‏ ترجمة العالم الجديد باللغة الساموية.‏ وهذه الترجمة الدقيقة والسهلة الفهم ردَّت بأمانة الاسم الالهي الى النص الموحى به.‏ وقد اعلن جفري جاكسون،‏ مرسل سابق في ساموا يخدم الآن في الهيئة الحاكمة،‏ عن هذا الاصدار الجديد في محفل خصوصي شمل الجزر المجاورة وعُقد في آپيا،‏ ساموا.‏

اثارت التقارير التلفزيونية عن الاصدار اهتمام الناس،‏ حتى ان بعض الاشخاص اتصلوا هاتفيا ببيت ايل في ساموا وطلبوا نسخا من هذه الترجمة.‏ وطلب مسؤول حكومي كبير عشر نسخ ليقدمها الى موظفيه.‏ كما طلب مدير مدرسة خمس نسخ ليقدمها هدية لأفضل التلامذة في نهاية السنة الدراسية.‏

وقد قدَّم كثيرون تعليقات ايجابية عن دقة هذه الترجمة الجديدة في نقل الكلمات،‏ ما يزود فهما عميقا لمعنى النص الاصلي.‏ كما ان ترجمة العالم الجديد اتاحت للسامويين ان يدركوا مجددا اهمية استعمال اسم اللّٰه.‏ مثلا،‏ استعمل فاتح خصوصي في قرية ڤايليلي،‏ اوپولو،‏ اسمه فيناو فيناو،‏ صلاة يسوع النموذجية ليساعد امرأة على التحليل والتوصل الى ادراك هذه النقطة.‏

فبعد ان قرأ عليها متى ٦:‏٩ سألها:‏ «برأيك،‏ اي اسم يجب ان يتقدس؟‏».‏

اجابت:‏ «اسم الرب».‏

فقال فيناو:‏ «لكن الآية في ١ كورنثوس ٨:‏٥ تقول ان هناك ‹آلهة› كثيرين و ‹اربابا› كثيرين.‏ فكيف يُعقل ان يكون اسم اللّٰه الرب في حين ان هناك آلهة باطلة كثيرة تحمل الاسم ذاته؟‏».‏

عندئذ اراها اسم يهوه وأوضح لها ان العالم المسيحي قد حذف هذا الاسم من ترجمات الكتاب المقدس.‏ وبغية ايضاح الفكرة اكثر،‏ اضاف:‏ «تخيلي شخصا يحاول ان يحذف او يغير اسم الزعيم (‏الماتاي)‏ الذي يمثل كامل عائلتكم.‏ فكيف تشعرون؟‏».‏

فأجابت المرأة:‏ «سيثير ذلك غضبنا».‏

اجاب فيناو:‏ «بالتأكيد،‏ وهذا ما يشعر به يهوه تماما تجاه الذين يحاولون حذف اسمه من كلمته».‏

‏[الصورة]‏

‏«الاسفار اليونانية المسيحية —‏ ترجمة العالم الجديد» باللغة الساموية

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ١٢٦،‏ ١٢٧]‏

‏«باركني يهوه مئة ضعف»‏

لوميپا يونڠ

تاريخ الولادة:‏ ١٩٥٠

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٩

لمحة عن حياتها:‏ هي ابنة رئيس وزراء سابق وتخدم كفاتحة عادية في آپيا.‏

ترعرعتُ في جزيرة ساڤايي في كنف عائلة رجل اعمال وسياسي ناجح.‏ ولأن والدي كان يملك مزرعة كاكاو ضخمة تضم نحو ٢٠٠ عامل،‏ دعته الصحف الساموية «بارون الكاكاو».‏ وقد تبوَّأ لعدة سنوات منصب رئيس وزراء ساموا.‏

تألفت عائلتنا من ١١ ولدا.‏ صحيح ان والدي لم يكن شخصا متديّنا،‏ لكنّ امي علّمتنا مبادئ اساسية من الكتاب المقدس.‏ وعندما ماتت آلمني فراقها.‏ لذلك،‏ عندما قدَّمت لي الاخت المرسلة جودي پريتشارد الشهادة وأخبرتني عن رجاء القيامة،‏ فرحت جدا بفكرة رؤية امي من جديد.‏

امطرتُ جودي بالأسئلة،‏ وقد اجابتني عنها كلها من الكتاب المقدس.‏ وسرعان ما ابتدأنا ندرس معا.‏ ولاحقا،‏ صرت احضر اجتماعات الشهود.‏

كان زوجي ستيڤ شماسا معروفا في كنيسة قريتنا،‏ وقد عارض في البداية درسي للكتاب المقدس واصطحبني لزيارة العديد من رجال الدين الذين حاولوا ان يقنعوني بعدم حضور اجتماعات الشهود.‏ وعندما لم آخذ بنصحهم،‏ لجأ الى ابي الذي اكتفى بأن يقترح عليّ مواصلة الدرس في مكان آخر وليس في منزل العائلة.‏ اما اخوتي وأخواتي فسخروا مني لأنني غيّرت ديني.‏ رغم ذلك،‏ رفضت التخلي عن تعلُّم حق الكتاب المقدس.‏

وعندما صرت اهلا لأخدم كناشرة للملكوت،‏ كان اول مكان زرته منزل احد اعضاء مجلس الوزراء الذي يرأسه والدي.‏ وكان هذا الوزير يعرفني حق المعرفة لأنه كثيرا ما كان يحضر الاجتماعات السياسية في منزل والدي.‏ فشعرت بالارتباك لدرجة انني اختبأت خلف رفيقتي.‏ صُدم الناس لرؤيتي اقوم بعمل البشارة وسألوني:‏ «ما رأي والدك في الموضوع؟‏».‏ لكنّ ابي كان شخصا منطقيا وقد دافع عن ايماني الجديد.‏ كما انه كان آنذاك قد ابتدأ يقرأ مجلتَي برج المراقبة و استيقظ!‏.‏

وأخيرا،‏ تغلّبت على خوف الانسان وصرت فاتحة عادية.‏ وأنا احب ان اعقد دروسا في الكتاب المقدس وأحتفظ بلائحة من نحو ٥٠ تلميذا محتملا لأدرس معهم عندما يسمح برنامجي بذلك.‏ لكنّ اكثر ما يفرحني هو انني تمكنت من تعليم الحق لأولادي الاربعة.‏ والآن تخدم ابنتي فوتوُوسامُوا وابني ستيڤن مع رفيقَي زواجهما اندرو وآنا،‏ في بيت ايل في ساموا.‏ وقد ساعدتُ ايضا اختي مانو لتعتنق الحق.‏ حتى زوجي ستيڤ الذي كان يقاومني بدأ يدرس الكتاب المقدس ويحضر الاجتماعات.‏ حقا،‏ باركني يهوه مئة ضعف.‏

‏[الصورتان]‏

الى اليسار:‏ اندرو وفوتوُوسامُوا كو؛‏ الى اليمين:‏ ستيڤن وآنا يونڠ

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٢٩،‏ ١٣٠]‏

الاختيار بين يهوه واحتراف لعبة الڠولف

لوسي لافايتِلي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٣٨

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٦٠

لمحة عن حياته:‏ قرر الانخراط في خدمة الفتح عوض اتخاذ لعبة الڠولف مهنة له.‏

كنت في الـ‍ ١٨ من عمري عندما علمتُ ان العائلة التي تسكن في الجهة المقابلة من طريق بيتنا اعتنقت دينا يُعرف باسم شهود يهوه.‏ فزرت بدافع الفضول رب العائلة،‏ سِيِيمو تآسي،‏ لأسأله لماذا يستعملون اسم اللّٰه،‏ يهوه،‏ بهذا الشكل.‏ وقد تأثرتُ بأسلوبه اللطيف وطريقة تقديمه البراهين المؤسسة على الاسفار المقدسة.‏ فدرس معي الكتاب المقدس وبدأت بحضور الاجتماعات.‏ إلَّا ان ابي هددني عندما اكتشف الامر.‏ فتوسلت اليه ان يسمح لي بحضور الاجتماعات،‏ غير انه اصرّ ان اقطع علاقتي بشهود يهوه كليا.‏ لكنه فجأة غيّر رأيه في اليوم التالي.‏ قالت لي عمتي لاحقا:‏ «فيما كنتَ نائما،‏ كنت تصرخ ‹يا يهوه،‏ من فضلك ساعدني!‏›».‏ فلا بد انني كنت احلم وأتكلم في منامي.‏ وقد سرّني ان قلب والدي رقّ لصرخاتي هذه.‏

وفي الجهة المقابلة ايضا من طريق بيتنا،‏ كان يقع ملعب الڠولف الوحيد في ساموا،‏ حيث كنت ابحث عن كرات الڠولف الضائعة وأبيعها بغية الحصول على بعض المال.‏ ولاحقا،‏ صرت حامل مضرب الملك مالييتُوا الذي كان آنذاك رئيس دولة ساموا.‏ وقد رأى الملك انه لدي الامكانية ان اصبح لاعب ڠولف وأهداني مضاربه القديمة.‏ كما انه رتّب ان يقوم اثنان من رجال الاعمال المحليين برعايتي كلاعب ڠولف محترف،‏ معتبرا ان مهارتي في الڠولف «سترفع اسم ساموا عاليا».‏ ويا للاثارة التي شعرت بها!‏ ولكن سرعان ما اصبحت هذه اللعبة تلهيني عن خدمة يهوه،‏ وصار ضميري يؤنبني.‏

بلغ الامر ذروته حين ربحتُ بطولة ساموا المفتوحة في لعبة الڠولف ضد لاعبين محترفين عالميين.‏ فقد كان الملك في غاية السرور وطلب مني ان اقابل احد لاعبي الڠولف الاميركيين المشهورين خلال حفل العشاء الذي أُقيم في تلك الليلة.‏ وإذ انتابني شعور بالاضطراب،‏ قلت لنفسي:‏ ‹لقد آن الأوان لتتخذ قرارك.‏ فهل ستختار الڠولف ام يهوه؟‏›.‏ وفي تلك الليلة،‏ حضرتُ فترات التمارين على الادوار التي ستُقدم في المحفل الدائري عوض حفل العشاء.‏

بطبيعة الحال،‏ استشاط الملك غيظا.‏ وعندما واجهني ابي بالامر،‏ دار بيننا حديث مطوَّل اوضحتُ فيه من الكتاب المقدس لماذا أُولي خدمة يهوه اهمية كبيرة.‏ ولدهشتي ابتدأ ابي يذرف الدموع،‏ ثم قال لي:‏ «عندما كنتَ في الخامسة من عمرك اصابك مرض شديد،‏ وقيل لنا انك متّ.‏ وفيما كنا ننزلك الى القبر،‏ لسعتك نحلة في وجهك.‏ فصرختَ فجأة ورحت تبكي.‏ لقد حصل ذلك في الوقت المناسب تماما!‏ اعتقد الآن انك نجوت لكي تصبح شاهدا ليهوه اللّٰه».‏ ومنذ ذلك الحين،‏ توقف عن مقاومتي.‏

بعد انتقالي الى نيوزيلندا،‏ خدمت عشر سنوات كفاتح عادي ثم خصوصي،‏ وتزوجت روبِن التي كانت هي ايضا فاتحة خصوصية.‏ وقد رُزقنا بثلاثة اولاد ثم انتقلنا للعيش في اوستراليا.‏ في السنوات الـ‍ ٣٠ التي تَلَت،‏ عملت بدوام كامل لأعيل عائلتي.‏ وفي هذه الاثناء،‏ ساعدنا كثيرين من اقربائنا على تبنّي الحق.‏ وكثيرا ما كنت اصلّي الى يهوه ليساعدني على الانخراط من جديد في صفوف الفاتحين.‏ ويا للفرح الذي شعرت به حين تمكنت من تحقيق هدفي بعد ان تقاعدت عن العمل سنة ٢٠٠٤!‏ وأنا مسرور جدا لأنني اخترت خدمة يهوه بدلا من احتراف لعبة الڠولف.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحة ١٣٥]‏

التدريب الابوي يثمر

پاناپا لوي

تاريخ الولادة:‏ ١٩٦٧

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٨٥

لمحة عن حياته:‏ يخدم هو وزوجته ماريتا كفاتحَين خصوصيين في ساموا.‏

عندما سجَّلنا ابننا سوپا في المدرسة الابتدائية،‏ قدَّمتُ للمدير نسخة من كراسة شهود يهوه والتعليم الدراسي وشرحت له موقفنا من النشاطات الدينية والوطنية.‏

ولكن في اليوم التالي،‏ اخبرَنا سوپا ان المدير مزق الكراسة امام الاولاد والمعلمين المجتمعين وطلب من اولاد الشهود ان يرتِّلوا ترتيلة دينية.‏ وعندما رفضوا،‏ اوقفهم امام الجميع وطلب منهم ان يرنموا احدى ترانيمهم الدينية الخاصة،‏ محاولا بذلك إخافتهم حتى يذعنوا له.‏ لكنّ سوپا حث اولاد الشهود قائلا:‏ «فلنرنم ‹نشكرك يا يهوه›»،‏ وقاد الاولاد في ترنيمها.‏

تأثر المدير جدا ومدح سوپا على شجاعته.‏ ولاحقا،‏ ابدى المدير ومعلّمون آخرون اهتماما بالحق.‏ والآن كلّما رآنا يسألنا عن سوپا ويرسل اليه تحياته.‏ ولا يزال سوپا يحرز تقدما روحيا جيدا وقد اعتمد سنة ٢٠٠٥.‏

‏[الاطار/‏الصورة في الصفحتين ١٣٨،‏ ١٣٩]‏

‏‹الطريق الى الاجتماعات ليست بعيدة كثيرا›‏

ڤالو لوتونُوو

تاريخ الولادة:‏ ١٩٤٩

تاريخ المعمودية:‏ ١٩٩٥

لمحة عن حياتها:‏ ام لستة اولاد كانت تقطع مسافة ٢٢ كيلومترا سيرا على الاقدام في الجبال لتحضر الاجتماعات.‏

سنة ١٩٩٣،‏ زارني شهود يهوه في منزلي في ليفاڠا.‏ فقبلت درسا في الكتاب المقدس،‏ وسرعان ما ابتدأتُ احضر مع اولادي الاجتماعات المسيحية في فَلاسِيو التي تقع في الجانب الآخر من الجزيرة على بُعد ٢٢ كيلومترا.‏

في ايام الاجتماعات التي تُعقد وسط الاسبوع،‏ كنت أُحضر اولادي من المدرسة باكرا.‏ وعندما هدَّد بعض المعلمين بطردهم،‏ اوضحت لهم اننا نحضر الاجتماعات لأسباب دينية وجيهة جدا.‏ كان كل ولد يحمل في كيس بلاستيكي اغراضه الخاصة به:‏ لباس الاجتماع،‏ الكتاب المقدس،‏ كتاب الترانيم،‏ والمطبوعة التي ندرسها.‏ احيانا،‏ كانت تُقِلّنا الباصات المارة،‏ لكننا في الاغلب كنا نقطع مسافة الـ‍ ٢٢ كيلومترا كلها سيرا على الاقدام.‏

وعندما نصل اخيرا الى قاعة الملكوت في فَلاسِيو،‏ كان الشهود المحليون يستقبلوننا بالترحاب ويقدمون لنا الطعام.‏ كما كانوا يُفسحون لنا المجال للاستحمام وارتداء ملابسنا النظيفة للذهاب الى الاجتماع.‏ وبعد انتهاء الاجتماع،‏ كنا نباشر من جديد رحلة العودة الطويلة سيرا على الاقدام.‏ وعند اعلى الحيد الذي يقسم الجزيرة الى نصفين،‏ نتوقف كي ينام الاولاد قليلا،‏ في حين انتبه انا لأية سيارة مارّة يمكن ان تُقلّنا الى البيت.‏ عادة،‏ كنا نصل في وقت متأخر بعد منتصف الليل.‏ وعند الساعة الخامسة من صباح اليوم التالي استيقظ من جديد لأستقلّ اول باص يُعيدني الى فَلاسِيو للكرازة هناك.‏

ذات مرة،‏ استُدعيت للمثول امام مجموعة من الماتاي يرأسهم كبير زعماء القرية.‏ وهناك ارادوا معرفة السبب الذي يدعوني الى السفر كل تلك المسافة الى فَلاسِيو عوض ارتياد الكنيسة التي في قريتنا،‏ وخصوصا تلك التي سبق وأسسها جدي.‏ وأخيرا،‏ امروني بالتوقف عن حضور الاجتماعات في فَلاسِيو.‏ ولكن ما كنت لأدع شيئا يمنعني من الذهاب الى الاجتماعات.‏ فقد كنت مصممة على اطاعة اللّٰه لا الناس.‏ —‏ اع ٥:‏٢٩‏.‏

لم يمض وقت طويل حتى بلغ الامر ذروته.‏ فعندما رفضت الذهاب الى توونايي القرية (‏احتفال ديني يُقام يوم الاحد ويحضره كاهن الكنيسة،‏ الشمامسة،‏ وماتاي القرية)‏،‏ فرض علي المجلس تقديم خمسة خنازير كبيرة كغرامة.‏ شكّل ذلك عبئا ماليا كبيرا عليَّ،‏ اذ كنت اربّي اولادي الصغار الستة بمفردي.‏ غير اني دفعت اخيرا الغرامة من قطيعي.‏ ومع مرور الوقت،‏ اصبح اهل القرية يحترمون موقفنا الثابت وما عادوا يقاوموننا.‏

تطلّب الذهاب الى الاجتماعات جهدا كبيرا بمرور السنين.‏ لكنّ الامر استحق العناء.‏ فكل اولادي شهود نشاطى،‏ وأحدهم هو خادم مساعد.‏

ما زلنا انا وأولادي نذهب الى الاجتماعات سيرا على الاقدام،‏ ولكننا نسير الآن مجرد بضعة امتار عوض ان نقطع مسافة ٢٢ كيلومترا الى فَلاسِيو.‏ فقد بُنيت عام ٢٠٠١ قاعة ملكوت جديدة رائعة في قريتنا تستخدمها اليوم جماعة نشيطة.‏ واليوم،‏ كما في السابق،‏ ليست الطريق الى الاجتماعات بعيدة كثيرا.‏

‏[الجدول/‏الرسم البياني في الصفحتين ١٣٢،‏ ١٣٣]‏

نبذة تاريخية —‏ ساموا

١٩٣٠

١٩٣١:‏ البشارة تصل الى ساموا.‏

١٩٤٠

١٩٤٠:‏ هارولد ڠيل يوزع كراس اين هم الموتى؟‏،‏ اول مطبوعة باللغة الساموية.‏

١٩٥٠

١٩٥٣:‏ اول جماعة تشكلت في آپيا.‏

١٩٥٥:‏ مرسلو جلعاد يصلون الى ساموا الاميركية.‏

١٩٥٥:‏ فيلم مجتمع العالم الجديد وهو يعمل يُعرض في كل انحاء ساموا الاميركية.‏

١٩٥٧:‏ اول محفل دائري يُعقد في ساموا الاميركية.‏

١٩٥٨:‏ الابتداء بترجمة برج المراقبة الى اللغة الساموية.‏

١٩٥٩:‏ اول محفل دائري يُعقد في ساموا الغربية.‏

١٩٦٠

١٩٧٠

١٩٧٤:‏ وصول المرسلين الى ساموا.‏ والبدء بعمل الكرازة في توكيلاو.‏

١٩٨٠

١٩٨٤:‏ تأسيس مكتب الفرع في بيت المرسلين في سيناموڠا،‏ آپيا.‏

١٩٩٠

١٩٩١:‏ اعصار ڤال يضرب الجزر.‏

١٩٩٣:‏ مجلة برج المراقبة باللغة الساموية تصدر في آن واحد مع الطبعة الانكليزية.‏ وتدشين بيت ايل الجديد وقاعة المحافل.‏

١٩٩٦:‏ تقديم برنامج اذاعي اسبوعي بعنوان «اجوبة عن اسئلتكم المتعلقة بالكتاب المقدس» عبر محطة راديو إف إم.‏

١٩٩٩:‏ تسريع عمل بناء قاعات الملكوت.‏

٢٠٠٠

٢٠٠٧:‏ صدور الاسفار اليونانية المسيحية —‏ ترجمة العالم الجديد باللغة الساموية.‏

٢٠١٠

‏[الرسم البياني]‏

‏(‏انظر المطبوعة)‏

مجموع الناشرين

مجموع الفاتحين

٧٠٠

٤٠٠

١٠٠

١٩٣٠ ١٩٤٠ ١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٠ ٢٠٠٠ ٢٠١٠

‏[الصورة]‏

پول وفرانسيس إيڤانز

‏[الخرائط في الصفحة ٧٣]‏

‏(‏اطلب النص في شكله المنسق في المطبوعة)‏

هاواي

اوستراليا

نيوزيلندا

توكيلاو

جزيرة سوينز

ساموا

ساموا الاميركية

جزر مانوا

جزيرة روز المرجانية

المحيط الهادئ الجنوبي

نييووي

خط التوقيت الدولي الاربعاء

‏‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‐‏

الخميس

تونڠا

ساموا الاميركية

توتويلا

پاڠو پاڠو

پيتيسا

تافونا

فاڠاتوڠو

لاوليي

اونو

ساموا

ساڤايي

اوپو

لاتا

تاڠا

فاڠا

ساليمو

فوڠاپاوا

اوپولو

آپيا

فَلاسِيو

سيوسنڠا

ڤايليلي

ليفاڠا

ڤاڤاو

آپيا

ڤايالا

فأَتويا

سيناموڠا

‏[صورة تغطي كامل الصفحة ٦٦]‏

‏[الصورة في الصفحة ٧٤]‏

كان پيليه وآيلُوَا فْوايوپولو اول من نذر حياته ليهوه في الجزر الساموية

‏[الصورة في الصفحة ٨١]‏

سنة ١٩٥٣،‏ انتقل رون ودوللي سيلارز الى ساموا ليخدما حيث الحاجة اعظم

‏[الصورة في الصفحة ٨٤]‏

ريتشارد وڠلوريا جِنكنز يوم زفافهما في كانون الثاني (‏يناير)‏ ١٩٥٥

‏[الصورة في الصفحة ٨٥]‏

بيل وڠيرلي موس في طريقهما الى ساموا

‏[الصورة في الصفحة ٩٥]‏

بيت نموذجي في ساموا

‏[الصورة في الصفحة ١٠٠]‏

قاعة الملكوت هذه التي بُنيت في آپيا كانت الاولى في ساموا

‏[الصورة في الصفحة ١٠٧]‏

قاعة الملكوت القديمة في تافونا،‏ ساموا الاميركية

‏[الصورة في الصفحة ١١٥]‏

ميتوسيلا نيرو

‏[الصورة في الصفحة ١١٦]‏

ساومالو تاوَآني

‏[الصورة في الصفحة ١٣١]‏

آني روپاتي (‏الآن ڠولد)‏ اتخذت موقفها الى جانب يهوه وهي حدثة

‏[الصورتان في الصفحة ١٤١]‏

المكتب وبيت ايل في ساموا

لجنة البلد في ساموا (‏من اليسار الى اليمين)‏:‏ هيدِيوكي موتووِي،‏ فْرِد ويڠنر،‏ سِيو تاوا،‏ وليڤا فَيايِيو