الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

البناء معا علی نطاق عالمي

البناء معا علی نطاق عالمي

الفصل ٢٠

البناء معا على نطاق عالمي

ان الشعور بالاخوَّة الاصيلة بين شهود يهوه يجري الاعراب عنه بطرائق عديدة.‏ وأولئك الذين يحضرون اجتماعاتهم يرون الدليل على ذلك.‏ وفي محافلهم يجري الاعراب عنه على نطاق موسَّع.‏ ويَظهر ايضا بوضوح فيما يعملون معا لتزويد اماكن اجتماع مناسبة لجماعاتهم.‏

ومع بداية عقد تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ كان هنالك اكثر من ٠٠٠‏,٦٠ جماعة لشهود يهوه حول العالم.‏ وخلال العقد السابق كانت تضاف ٧٥٩‏,١ جماعة جديدة،‏ كمعدل،‏ كل سنة.‏ وفي وقت باكر من تسعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كانت هذه النسبة قد ارتفعت الى اكثر من ٠٠٠‏,٣ سنويا.‏ وتزويد امكنة مناسبة لاجتماعاتهم جميعا كان مهمة ضخمة.‏

قاعات الملكوت

وكما صح في مسيحيي القرن الاول استخدمت جماعات عديدة لشهود يهوه في اول الامر بيوتا خاصة لمعظم اجتماعاتهم.‏ وفي ستكهولم،‏ السويد،‏ استخدم القليلون الذين عقدوا اولا اجتماعات قانونية هناك دكان نجارة كانوا قد استأجروه للاستعمال بعد الانتهاء من عمل النهار في الدكان.‏ وبسبب الاضطهاد عقد فريق صغير في مقاطعة لا كورونا،‏ اسپانيا،‏ اجتماعاتهم الاولى في مستودع،‏ او مخزن،‏ صغير.‏

وعند الحاجة الى مكان اوسع،‏ في البلدان التي توجد فيها حرية لفعل ذلك،‏ كانت جماعات شهود يهوه المحلية تستأجر مكانا للاجتماع.‏ أما اذا كانت هذه قاعة تستخدمها ايضا هيئات اخرى،‏ فكان يجب نقل المعدّات او تركيبها لكل اجتماع،‏ وكثيرا ما كانت تبقى رائحة دخان التبغ عالقة.‏ وحيثما امكن،‏ كان الاخوة يستأجرون متجرا غير مستخدم او عُلِّية تستخدمها الجماعة فقط.‏ ولكن،‏ على مر الوقت،‏ في اماكن عديدة جعلت الايجارات المرتفعة وعدم توافر اماكن مناسبة ضروريا صنع ترتيبات اخرى.‏ وفي بعض الحالات اشتُريت مبانٍ وجُدِّدت.‏

قبل الحرب العالمية الثانية بنت جماعات قليلة اماكن للاجتماع مصمَّمة خصوصا لاستخدامها.‏ وحتى قديما في السنة ١٨٩٠،‏ بنى فريق من تلاميذ الكتاب المقدس في الولايات المتحدة في ماونت لوكْأَوْت،‏ ڤرجينيا الغربية،‏ مكانهم الخاص للاجتماع.‏ * لكنَّ عمل البناء الواسع الانتشار لقاعات الملكوت لم يبدأ حتى خمسينات الـ‍ ١٩٠٠.‏

والاسم قاعة الملكوت اقترحه سنة ١٩٣٥ ج.‏ ف.‏ رذرفورد،‏ الذي كان آنذاك رئيس جمعية برج المراقبة.‏ ففي ما يتعلق بتسهيلات فرع الجمعية في هونولولو،‏ هاوايي،‏ رتَّب ان يبني الاخوة قاعة يمكن ان تُعقد فيها الاجتماعات.‏ وعندما سأل جيمس هارُب ماذا كان الاخ رذرفورد سيدعو المبنى،‏ اجاب:‏ «ألا تظن اننا يجب ان ندعوه ‹قاعة الملكوت،‏› لان هذا ما نقوم به،‏ الكرازة ببشارة الملكوت؟‏» وبعد ذلك،‏ حيثما امكن،‏ ابتدأت القاعات التي يستخدمها الشهود قانونيا تتميَّز تدريجيا بلافتات تقول «قاعة الملكوت.‏» وهكذا عندما جُدِّد مسكن لندن في السنة ١٩٣٧-‏١٩٣٨ سمي من جديد قاعة الملكوت.‏ وفي حينه صار مكان اجتماع الجماعات المحلي الرئيسي في كل العالم معروفا بقاعة الملكوت لشهود يهوه.‏

اكثر من طريقة واحدة للقيام بذلك

ان القرارات بشأن ما اذا كانت قاعات الملكوت ستُستأجر او ستُبنى تتخذها الجماعات الافرادية محليا.‏ وهي تتحمل ايضا اية نفقات بناء وصيانة.‏ وبغية توفير الاموال تسعى الغالبية العظمى من الجماعات ان تقوم بقدر ما يمكن من عمل البناء دون اللجوء الى متعهدين تجاريين.‏

والقاعات نفسها يمكن ان تُبنى من الطوب،‏ الحجارة،‏ الخشب،‏ او المواد الاخرى،‏ وفقا للكلفة ولما هو متوافر في المنطقة.‏ ففي كاتيما موليلو،‏ ناميبيا،‏ استُخدم العشب الطويل لصنع سقف مقشَّش،‏ وجرى صبّ الوحل من قرى النمل (‏الذي يصير قاسيا جدا عندما يجفّ)‏ من اجل الجدران والارضية.‏ والشهود في سيڠوڤيا،‏ كولومبيا،‏ صنعوا كتلهم الاسمنتية للبناء.‏ والحمم غير المنحوتة من جبل لاسِّن استُخدمت في كولفاكس،‏ كاليفورنيا.‏

واذ كان عدد الحضور في الاجتماعات كثيرا ما يتخطى الـ‍ ٢٠٠ في السنة ١٩٧٢،‏ ادركت الجماعة في ماسيرو،‏ ليسوتو،‏ انه يلزمهم بناء قاعة ملكوت مناسبة.‏ فساعد كل فرد في المشروع.‏ وسار الاخوة المسنّون حتى ٢٠ ميلا (‏٣٢ كلم)‏ للمشاركة.‏ ودحرج الاولاد براميل الماء الى الموقع.‏ وزوَّدت الاخوات وجبات الطعام.‏ واستخدموا ايضا اقدامهم لضرب الارض تكرارا،‏ راصّينها تحضيرا لصبّ الارضية الاسمنتية،‏ مرنِّمين كل الوقت ترانيم الملكوت وخابطين بأقدامهم حسب ايقاع الموسيقى.‏ والحجر الرملي،‏ المتوافر في الجبال المجاورة بكلفة عناء جلبه،‏ استُخدم للجدران.‏ وكانت النتيجة قاعة ملكوت تتسع لنحو ٢٥٠.‏

وأحيانا كان الشهود من الجماعات المجاورة يساعدون في عمل البناء.‏ وهكذا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ عندما بنى شهود يهوه في إمبالي،‏ منطقة للسود في جنوب افريقيا،‏ قاعة تتسع بصورة مريحة لـ‍ ٤٠٠،‏ اتى الرفقاء الشهود من پيترماريتسبرڠ ودوربان المجاورتين للمساعدة.‏ فهل يمكنكم ان تتخيلوا كم تعجَّب الجيران عندما رأوا،‏ خلال تلك الايام للاضطراب العنصري في جنوب افريقيا،‏ عشرات الشهود البيض،‏ الملوَّنين،‏ والهنود يتدفقون الى المنطقة ويعملون كتفا الى كتف مع اخوتهم الافريقيين السود؟‏ وكما اعلن رئيس البلدية المحلي:‏ «لا يمكن القيام بذلك إلا بالمحبة.‏»‏

ومهما كانت الروح طوعية،‏ فقد وجدت الجماعات ان الظروف المحلية تحدّ مما يستطيع الاخوة القيام به.‏ فالرجال في الجماعات كانت لهم عائلات لاعالتها وكانوا عادةً لا يستطيعون ان يعملوا في مشروع كهذا إلا في نهايات الاسابيع وربما قليلا في الامسيات.‏ وكان لدى جماعات عديدة قليلون،‏ هذا اذا وجد احد،‏ ممن هم مهرة في حِرَف البناء.‏ ومع ذلك،‏ فان بناء بسيطا نسبيا ومكشوفا نوعا ما يلائم المناطق المدارية كان يمكن تشييده في ايام قليلة او ربما اسابيع قليلة.‏ وبمساعدة الشهود في الجماعات المجاورة كان يمكن اكمال ابنية اكثر متانة في خمسة او ستة اشهر.‏ وفي حالات اخرى ربما تطلَّب ذلك سنة او اثنتين.‏

ولكن،‏ اذ دخلوا سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ كان شهود يهوه حول العالم يزدادون بمعدل جماعتين الى ثلاث جماعات جديدة يوميا.‏ وبحلول اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠ بلغ معدل الزيادة حتى تسع جماعات يوميا.‏ فهل كان يمكن سدّ حاجتهم الملزِمة الى قاعات ملكوت جديدة؟‏

تطوير تقنيات البناء السريع

باكرا في سبعينات الـ‍ ١٩٠٠،‏ في الولايات المتحدة،‏ اندفع اكثر من ٥٠ شاهدا من جماعات مجاورة الى المساعدة في بناء قاعة ملكوت جديدة في كارترڤيل،‏ ميسوري،‏ للفريق الذي كان يجتمع في مدينة وب.‏ وفي احدى نهايات الاسابيع بنوا الهيكل الرئيسي وأنجزوا قسما كبيرا من العمل في تركيب السقف.‏ وبقي الكثير للقيام به،‏ وتطلَّب اكمال العمل اشهرا؛‏ لكنَّ جزءا مهما منه أُكمل في فترة قصيرة جدا.‏

وخلال العقد التالي،‏ اذ كان الاخوة يعملون معا في بناء نحو ٦٠ قاعة،‏ جرى التغلب على العقبات وطُوِّرت اساليب اكثر فعَّالية.‏ وفي حينه ادركوا انه بعد الانتهاء من العمل في الاساس يمكنهم تقريبا اكمال قاعة الملكوت بكاملها في نهاية اسبوع واحدة.‏

ابتدأ عدة نظار جماعات —‏ وجميعهم من الغرب الاوسط في الولايات المتحدة —‏ يعملون نحو هذا الهدف.‏ وعندما كانت الجماعات تطلب المساعدة في بناء قاعة ملكوتهم،‏ كان واحد او اكثر من هؤلاء الاخوة يناقش المشروع معهم ويزوِّد التفاصيل المتعلقة بالتحضير الذي يلزم الاهتمام به محليا قبل التمكن من القيام بالعمل.‏ وبين امور اخرى كان يجب الحصول على رخص البناء،‏ صبّ الاساس والارضية الاسمنتية،‏ ان تكون الامدادات الكهربائية جاهزة،‏ ان تكون الاشغال الصحية تحت الارض في مكانها،‏ وأن تُصنَع ترتيبات مضمونة لتسليم مواد البناء.‏ ثم كان يمكن تحديد تاريخ لبناء قاعة الملكوت نفسها.‏ ولم يكن المبنى ليركَّب من اجزاء مصنوعة مقدَّما؛‏ فكان سيُبنى كله في الموقع مباشرة.‏

ومَن كانوا سيقومون بعمل البناء الفعلي؟‏ الى الحد الممكن قام به عمَّال طوعيون غير مأجورين.‏ وكثيرا ما اشتركت عائلات بكاملها.‏ وكان منظِّمو المشروع يتصلون بالشهود الحِرَفيين الذين عبَّروا عن الرغبة في المساهمة في هذه المشاريع.‏ وكثيرون منهم تطلعوا بشوق الى كل مشروع بناء جديد.‏ والشهود الآخرون الذين علموا بالمشاريع ارادوا الاشتراك؛‏ فالمئات من المنطقة المجاورة —‏ ومن اماكن ابعد —‏ تدفقوا الى مواقع البناء،‏ توّاقين الى تقديم خدماتهم بالطريقة الممكنة.‏ ولم يكن معظمهم بنَّائين محترفين،‏ لكنهم بالتأكيد اعطوا الدليل على انه ينطبق عليهم وصف مؤيدي مَلك يهوه المسيَّاني كما هو مبيَّن في المزمور ١١٠:‏٣‏،‏ الذي يقول:‏ «شعبك منتدَب.‏»‏

يوم الخميس مساءً قبل مباشرة المجهود الكبير،‏ كان المشرفون على المشروع يجتمعون لتخطيط التفاصيل الاخيرة.‏ وفي المساء التالي كانت تُعرَض امام العمَّال صور منزلقة عن الطريقة المتَّبعة لكي يفهموا كيفية القيام بالعمل.‏ وكان يُشدَّد على اهمية الصفات الالهية.‏ وجرى تشجيع الاخوة ان يعملوا معا بمحبة،‏ ان يكونوا لطفاء،‏ ان يعربوا عن الصبر والاعتبار.‏ وجرى تشجيع كل فرد ان يعمل بسرعة ثابتة ولكن دون عجلة ودون تردُّد في اخذ دقائق قليلة للاشتراك في اختبار بنَّاء مع شخص آخر.‏ وباكرا في الصباح التالي كان عمل البناء يبتدئ.‏

وفي وقت معيَّن من يوم السبت صباحا باكرا كان الجميع يتوقفون عما يقومون به للاصغاء الى مناقشة آية اليوم من الاسفار المقدسة.‏ وكانت الصلاة تقدَّم،‏ اذ جرى التقدير جيدا ان نجاح المشروع بكامله يعتمد على بركة يهوه.‏ —‏ مزمور ١٢٧:‏١‏.‏

وعندما يبتدئ العمل،‏ كان يتقدَّم بسرعة.‏ وفي غضون ساعة كانت دعائم الجدران ترتفع.‏ وكانت جَمَلونات السقف تتبعها.‏ وألواح الجدران كانت تُسمَّر في مكانها.‏ والكهربائيون يبدأون بمدّ الاسلاك.‏ ومجاري تكييف الهواء والتدفئة كانت تركَّب.‏ والخزائن تُصنَع وتوضَع في مكانها.‏ وأحيانا كانت تمطر طوال نهاية الاسبوع او كان الطقس يتحول الى برد قارس او حرّ شديد،‏ لكنَّ العمل كان يستمر.‏ ولم تكن هنالك اية منافسة او مزاحمة بين الحِرَفيين.‏

وفي احيان كثيرة،‏ قبل غروب الشمس في اليوم الثاني،‏ تكون قاعة الملكوت قد أُكملت —‏ مزيَّنة بشكل حسن في الداخل،‏ وربما حتى مجمَّلة ببعض الاشجار في الخارج.‏ وعندما يكون عمليا اكثر كانت الاعمال تُبرمَج لتمتد ثلاثة ايام،‏ او ربما نهايتي اسبوعين.‏ وعند نهاية المشروع كان كثيرون من العمال يبقون،‏ متعبين ولكن سعداء جدا،‏ للتمتع بأول اجتماع قانوني للجماعة،‏ درس برج المراقبة.‏

وبسبب الشك في امكانية القيام بعمل ذي نوعية جيدة بمثل هذه السرعة،‏ استدعى اشخاص عديدون في ڠَيمون،‏ اوكلاهوما،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ مفتش المباني في المدينة.‏ «قلت لهم انه اذا ارادوا ان يروا شيئا منجَزا بطريقة صحيحة،‏ فما عليهم إلا ان يزوروا القاعة!‏» قال المفتش عندما اخبر الشهود في وقت لاحق بما حدث.‏ «انتم تفعلون الامور بالطريقة الصحيحة حتى ما يكون مخفيا وغير منظور!‏»‏

واذ ازدادت الحاجة الى قاعات الملكوت قام الاخوة الذين طوَّروا العديد من اساليب البناء السريع بتدريب الآخرين.‏ والتقارير عما كان ينجَز انتشرت في البلدان الاخرى.‏ فهل كان ممكنا ان تُستخدم اساليب بناء كهذه هناك ايضا؟‏

البناء السريع يصبح اممي النطاق

كان بناء قاعات الملكوت في كندا يقصِّر كثيرا عن حاجات الجماعات.‏ فدعا الشهود في كندا اولئك الذين كانوا ينظِّمون مشاريع البناء السريع في الولايات المتحدة ليوضحوا كيفية معالجتهم ذلك.‏ في بادئ الامر كان الكنديون يشكّون في امكانية القيام بذلك في كندا،‏ لكنهم قرَّروا المحاولة.‏ فارتفعت اول قاعة ملكوت مبنية بهذا الاسلوب في كندا في ألمايرا،‏ اونتاريو،‏ سنة ١٩٨٢.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت هنالك ٣٠٦ قاعات ملكوت في كندا مشيَّدة بهذه الطريقة.‏

والشهود في نورثامپتون،‏ انكلترا،‏ اعتقدوا انه يمكنهم القيام بذلك ايضا.‏ ومشروعهم،‏ في السنة ١٩٨٣،‏ كان الاول في اوروپا.‏ والاخوة ذوو الخبرة بهذا النوع من البناء سافروا من الولايات المتحدة وكندا للاشراف على المشروع ومساعدة الشهود المحليين على تعلُّم كيفية القيام بذلك.‏ وحضر متطوعون آخرون من امكنة بعيدة كاليابان،‏ الهند،‏ فرنسا،‏ والمانيا.‏ وكانوا هناك كمتطوعين،‏ لا كمأجورين.‏ فكيف كان ذلك كله ممكنا؟‏ كما قال ناظر فريق للشهود الايرلنديين عمل في مشروع كهذا،‏ ‹انه ناجح لأن جميع الاخوة والاخوات يتعاونون تحت تأثير روح يهوه.‏›‏

وحتى عندما يبدو ان قوانين البناء المحلية تجعل مشاريع كهذه مستحيلة،‏ وجد الشهود انه في كثير من الاحيان عندما تُلخَّص التفاصيل لرسميي المدينة،‏ يسرّهم ان يتعاونوا.‏

بعد مشروع للبناء السريع في النَّروج،‏ شمالي الدائرة القطبية الشمالية،‏ ذكرت صحيفة فينْماركِن:‏ «شيء لا يصدَّق.‏ هذا هو التعبير الوحيد الذي يمكن ان نجده الذي يصف ما فعله شهود يهوه في نهاية الاسبوع الماضي.‏» وبشكل مماثل،‏ عندما بنى الشهود في الجزيرة الشمالية لنيوزيلندا قاعة ملكوت جذابة في غضون يومين ونصف اليوم،‏ اعلن العنوان الرئيسي في الصفحة الاولى من الصحيفة المحلية:‏ «مشروع يقارب المعجزة،‏» وأضافت المقالة:‏ «ربما كان الوجه الاكثر اثارة للدهشة في المشروع التنظيم والهدوء التام للعملية.‏»‏

ان انعزال الموقع حيث تلزم قاعة للملكوت ليس عائقا مستعصيا.‏ ففي بيليز أُنجز مشروع للبناء السريع،‏ رغم انه عنى نقل كل قطعة من المواد الى جزيرة تبعد ٣٦ ميلا (‏٦٠ كلم)‏ عن مدينة بيليز.‏ وعندما بُنيت قاعة ملكوت مجهَّزة بمكيف للهواء في پورت هيدلَنْد،‏ اوستراليا الغربية،‏ في نهاية اسبوع واحدة،‏ كان ذلك بمواد وقوة عاملة اتت كلها تقريبا من امكنة تبعد ٠٠٠‏,١ ميل (‏٦٠٠‏,١ كلم)‏ او اكثر.‏ وتحمَّل العمَّال نفقات سفرهم.‏ ومعظم الذين اشتركوا في المشروع لم يعرفوا الشهود شخصيا في جماعة پورت هيدلَنْد،‏ وقليلون جدا منهم كانوا سيحضرون في وقت ما الاجتماعات هناك.‏ لكنَّ ذلك لم يؤخِّرهم عن التعبير عن محبتهم بهذه الطريقة.‏

وحتى حيث عدد الشهود قليل،‏ لم يمنعهم ذلك من استعمال اساليب كهذه لبناء القاعات.‏ فقد تطوَّع نحو ٨٠٠ شاهد من ترينيداد للسفر الى توباڠو لمساعدة اخوتهم وأخواتهم المسيحيين الـ‍ ٨٤ هناك على بناء قاعة في سكاربورو سنة ١٩٨٥.‏ والشهود الـ‍ ١٧ (‏ومعظمهم من النساء والاولاد)‏ في ڠُوز باي،‏ لابرادور،‏ يحتاجون حتما الى المساعدة اذا ارادوا يوما ما ان تكون لهم قاعة ملكوت خاصة بهم.‏ وفي السنة ١٩٨٥ استأجر شهود من انحاء اخرى من كندا ثلاث طائرات لنقل ٤٥٠ منهم الى ڠُوز باي للقيام بالمهمة.‏ وبعد يومين من العمل الشاق تمتعوا ببرنامج تدشين في القاعة المكمَّلة يوم الاحد مساءً.‏

وهذا لا يعني ان جميع قاعات الملكوت تُبنى الآن بأساليب البناء السريع،‏ لكنَّ أعدادا متزايدة منها تُبنى على هذا النحو.‏

لجان البناء الاقليمية

بحلول منتصف السنة ١٩٨٦ ازدادت كثيرا النسبة التي بها كانت هنالك حاجة الى قاعات ملكوت جديدة.‏ وخلال السنة التي سبقتها تشكلت ٤٦١‏,٢ جماعة جديدة حول العالم؛‏ ٢٠٧ منها في الولايات المتحدة.‏ وبعض قاعات الملكوت كانت تستخدمها ثلاث،‏ اربع،‏ او حتى خمس جماعات.‏ وكما انبأت الاسفار المقدسة،‏ كان يهوه يسرع حقا بعمل التجميع.‏ —‏ اشعياء ٦٠:‏٢٢‏.‏

ولضمان افضل استعمال ممكن لمجموع العمَّال وتمكين جميع الذين يبنون قاعات الملكوت من الاستفادة من الخبرة التي اكتُسبت،‏ ابتدأت الجمعية تنسِّق نشاطهم.‏ وكبداية،‏ في السنة ١٩٨٧،‏ قُسِّمت الولايات المتحدة بين ٦٠ لجنة بناء اقليمية.‏ وكان هنالك الكثير لتقوم به جميعها؛‏ فسرعان ما صارت لدى بعضها مشاريع مخطَّط لها لسنة او اكثر.‏ والمعيَّنون للخدمة في هذه اللجان كانوا رجالا،‏ قبل كل شيء،‏ مؤهلين روحيا،‏ شيوخا في الجماعات،‏ قدوة في ممارستهم ثمر روح اللّٰه.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏)‏ وكثيرون منهم كانت لديهم ايضا خبرة في العقارات،‏ الهندسة،‏ البناء،‏ ادارة الاعمال،‏ السلامة،‏ والحقول ذات العلاقة.‏

شُجِّعت الجماعات ان تستشير لجنة البناء الاقليمية قبل اختيار موقع لقاعة ملكوت جديدة.‏ وحيث توجد اكثر من جماعة واحدة في المدينة،‏ جرى حثهم ايضا ان يستشيروا ناظر الدائرة (‏او نظار الدوائر)‏،‏ ناظر المدينة،‏ والشيوخ في الجماعات المجاورة.‏ والجماعات التي تخطِّط لتجديد شامل او بناء قاعة ملكوت جديدة نُصحت بأن تستفيد من خبرة الاخوة في لجنة البناء الاقليمية لمنطقتهم ومن الخطوط الارشادية التي زوَّدتهم بها الجمعية.‏ وبواسطة هذه اللجنة كانت الترتيبات ستنسَّق لتجميع العمَّال المهرة الذين توجد حاجة اليهم من بين الاخوة والاخوات في نحو ٦٥ حرفة الذين تطوَّعوا من قبل للمساعدة في مشاريع كهذه.‏

ومع تحسين الاجراءات كان ممكنا تخفيض عدد العمَّال المشمولين بأيّ مشروع.‏ فعوضا عن وجود الآلاف في موقع البناء إما كمتفرجين او لتقديم خدماتهم،‏ نادرا ما كان هنالك اكثر من ٢٠٠ في الموقع في الوقت نفسه.‏ وعوضا عن صرف نهاية اسبوع بكاملها هناك،‏ كان العمَّال يحضرون فقط وقت الحاجة الى مهاراتهم الخصوصية.‏ وهكذا كان لديهم مزيد من الوقت لصرفه مع عائلاتهم وللنشاط مع جماعاتهم المحلية.‏ وعندما صار بامكان الاخوة المحليين القيام بأنواع معيَّنة من العمل في وقت معقول،‏ كثيرا ما وُجِد عمليا اكثر استدعاء فريق البناء السريع فقط من اجل اوجه العمل اللازمة بالحاح اكثر.‏

ومع ان العملية بكاملها كانت تسير بسرعة مذهلة،‏ إلا ان ذلك لم يكن الاهتمام الرئيسي.‏ فالاهم كان تزويد بناء ذي نوعية جيدة لقاعات ملكوت متواضعة مصمَّمة لسدّ الحاجات المحلية.‏ وكان التخطيط الدقيق يجري لانجاز ذلك فيما تبقى النفقات في الحد الادنى.‏ وكانت الاجراءات تُتَّخذ للتحقق من منح السلامة الاولوية الرئيسية —‏ سلامة العمَّال،‏ الجيران،‏ المارَّة،‏ والمجتمعين المقبلين في قاعة الملكوت.‏

واذ كانت التقارير عن هذا الترتيب لبناء قاعات الملكوت تصل الى البلدان الاخرى،‏ كانت مكاتب فروع الجمعية التي تعتقد ان ذلك مفيد في مناطقها تزوَّد بالتفاصيل اللازمة.‏ وبحلول السنة ١٩٩٢ كانت لجان البناء الاقليمية التي عيَّنتها الجمعية تساعد في بناء قاعات ملكوت في بلدان مثل الارجنتين،‏ اسپانيا،‏ المانيا،‏ اوستراليا،‏ بريطانيا،‏ جنوب افريقيا،‏ فرنسا،‏ كندا،‏ المكسيك،‏ واليابان.‏ وقد كُيِّفت اساليب البناء وفق الظروف المحلية.‏ وعندما كان يلزم العون من فرع آخر لبناء قاعة ملكوت،‏ كان يُرتَّب لذلك بواسطة مكتب المركز الرئيسي للجمعية.‏ وفي بعض انحاء العالم كانت قاعات جديدة تُشيَّد خلال ايام؛‏ وفي اماكن اخرى،‏ خلال اسابيع او ربما خلال عدة اشهر.‏ وبالتخطيط الدقيق والجهد المنسَّق كان الوقت اللازم لتزويد قاعة ملكوت جديدة يُخفَّض بالتأكيد.‏

لم تقتصر نشاطات البناء لشهود يهوه على قاعات الملكوت.‏ فالتسهيلات الاوسع تلزم عندما يجتمع عدد من الجماعات من اجل المحافل الدائرية وأيام المحافل الخصوصية السنوية.‏

سدّ الحاجة الى قاعات محافل

على مر السنين استُخدِمت تسهيلات متنوعة للمحافل الدائرية.‏ فقد استأجر شهود يهوه اماكن مثل قاعات استماع مدنية،‏ مدارس،‏ مسارح،‏ مستودعات اسلحة،‏ ملاعب رياضية،‏ وساحات معارض.‏ وفي اماكن قليلة توافرت تسهيلات بديعة جدا بسعر معقول.‏ وفي اكثر الاحيان كان يلزم الكثير من الوقت والجهد لتنظيف المكان،‏ تركيب تجهيزات الصوت،‏ بناء المنبر،‏ ونقل الكراسي.‏ وأحيانا كانت هنالك إلغاءات في اللحظة الاخيرة.‏ واذ نما عدد الجماعات صار اصعب فأصعب ايجاد اماكن مناسبة كافية.‏ فماذا كان يمكن فعله؟‏

مرة اخرى كان الحل ان يمتلك شهود يهوه اماكن خاصة بهم.‏ وكان ذلك سيشمل تجديد ابنية مناسبة وتشييد ابنية جديدة.‏ وأولى قاعات المحافل هذه في الولايات المتحدة كانت مسرحا في مدينة لونڠ آيلند،‏ نيويورك،‏ جدَّده ووضعه قيد الاستعمال شهود يهوه في اواخر السنة ١٩٦٥.‏

وفي الوقت نفسه تقريبا كان الشهود في جزيرة ڠوادلوپ الكاريبية يضعون التصميم لقاعة محافل تفي بحاجاتهم.‏ فقد شعروا بأنه سيكون مفيدا اذا تمكنوا من عقد محافلهم الدائرية في مواقع عديدة مختلفة.‏ لكنَّ معظم البلدات لم تكن لديها تسهيلات واسعة كفاية.‏ ولذلك أنشأ الشهود بناء قابلا للنقل،‏ مصنوعا من انابيب فولاذية وسقف من الألمنيوم،‏ يتسع لـ‍ ٧٠٠ شخص ويمكن اقامته حيث تتوافر قطعة ارض مسطحة نسبيا.‏ وكان عليهم ان يوسِّعوا القاعة مرة بعد اخرى،‏ حتى صارت تستوعب ٠٠٠‏,٥.‏ تخيلوا نقل،‏ تركيب،‏ وفك ٣٠ طنا من المواد لكل محفل!‏ وقاعة المحافل هذه كانت تُركَّب وتُفَك عدة مرات سنويا طوال ١٣ سنة،‏ حتى صار من الصعب ايجاد ارض للقاعة القابلة للنقل وكان من الضروري شراء ارض واقامة قاعة محافل دائمة،‏ وهي تُستخدم الآن للمحافل الدائرية والكورية.‏

وفي عدد غير قليل من الاماكن استفادت مشاريع قاعات المحافل من الابنية الموجودة.‏ ففي انكلترا،‏ في هايز بريدج،‏ ساري،‏ جرى شراء وتجديد مجمَّع مدرسي عمره ٥٠ سنة.‏ وهو يستقر في ٢٨ اكرا (‏١١ هكتارا)‏ من الريف الجميل.‏ وجرى تجديد واستعمال مسارح سينمائية سابقة ومستودع صناعي في اسپانيا؛‏ مصنع شاغر للنسيج في اوستراليا؛‏ قاعة للرقص في كْويبك،‏ كندا؛‏ صالة للبولِنڠ في اليابان؛‏ مستودع في جمهورية كوريا.‏ هذه كلها حُوِّلت الى قاعات محافل جذابة يمكن ان تخدم جيدا كمراكز كبيرة لتعليم الكتاب المقدس.‏

وقاعات المحافل الاخرى كانت جديدة تماما،‏ اذ بنيت بكاملها.‏ والتصميم الثُّماني الاضلاع الفريد من نوعه للقاعة في هيلابي،‏ جنوبي يوركْشَير،‏ انكلترا،‏ فضلا عن ان الكثير من العمل قام به عمَّال متطوعون،‏ ادَّى الى نشر مقالة في مجلة مؤسسة مهندسي الانشاءات.‏ وقاعة المحافل في ساسكاتون،‏ ساسكاتشيوان،‏ في كندا،‏ صُمِّمت لتستوعب ٢٠٠‏,١؛‏ أما عندما تُسحَب الجدران الداخلية الى اماكنها فيمكن استخدام البناء كأربع قاعات للملكوت الواحدة الى جانب الاخرى.‏ وقاعة محافل هايتي (‏المركَّبة من اجزاء مصنوعة مقدَّما والمشحونة من الولايات المتحدة)‏ كانت مفتوحة من الجانبين كي ينعم الجالسون في الداخل بالبرودة باستمرار نتيجة الرياح السائدة —‏ راحة مرحَّب بها من شمس هايتي الحارة.‏ والقاعة في پورت مورْزْبي،‏ پاپوا غينيا الجديدة،‏ صُمِّمت بحيث يمكن فتح اجزاء من الجدران كأبواب لايواء حشود اكثر مما تسع في الداخل.‏

والقرار لبناء قاعة محافل لا يتخذه فريق صغير من النظار الذين يتوقعون بعدئذ من كل شخص آخر ان يدعمه.‏ فقبل ان تُبنى اية قاعة محافل جديدة تتأكد الجمعية من اجراء تحليل دقيق يتعلق بالحاجة اليها ومدى استعمالها.‏ وتؤخذ بعين الاعتبار ليس فقط الحماسة المحلية للمشروع بل ايضا حاجات الحقل ككل.‏ ويُناقَش ذلك مع كل الجماعات ذات العلاقة للتحقق من رغبة الاخوة وقدرتهم على دعمه.‏

وهكذا عندما يبدأ العمل يؤيده شهود يهوه في المنطقة من كل القلب.‏ وكل مشروع يموِّله الشهود انفسهم.‏ فالحاجات المالية يجري ايضاحها لكنَّ التبرعات تكون طوعية ومجهولة المصدر.‏ والتخطيط الدقيق يجري مقدَّما،‏ والمشروع يستفيد من الخبرة المكتسبة سابقا في بناء قاعات الملكوت،‏ وفي احيان كثيرة،‏ من مشاريع قاعات المحافل في اماكن اخرى.‏ وحيث يكون ضروريا،‏ يُعيَّن بعض اوجه العمل لمتعهدين تجاريين،‏ لكنَّ معظمه يقوم به عادةً شهود غيورون.‏ وهذا يمكن ان يخفض الكلفة الى النصف.‏

وبقوة عاملة مؤلَّفة من محترفين مهرة وآخرين ممَّن يتبرعون بوقتهم ومواهبهم،‏ يتقدَّم عادةً كامل المشروع بسرعة.‏ وبعض المشاريع قد تتطلب اكثر من سنة.‏ ولكن في جزيرة ڤانكوڤر في كندا،‏ في السنة ١٩٨٥،‏ اكمل نحو ٥٠٠‏,٤ متطوع قاعة محافل مساحتها ٠٠٠‏,٢٥ قدم مربعة (‏٣٠٠‏,٢ م ٢‏)‏ في مجرد تسعة ايام.‏ ويشمل البناء ايضا قاعة ملكوت تتسع لـ‍ ٢٠٠ مقعد تستعملها الجماعات المحلية.‏ وفي كاليدونيا الجديدة،‏ فرضت الحكومة حظرا للتجول في السنة ١٩٨٤ بسبب الاضطراب السياسي،‏ ومع ذلك عمل حتى ٤٠٠ متطوع في قاعة المحافل كل مرة،‏ فأُكملت في مجرد اربعة اشهر.‏ وقرب ستكهولم،‏ السويد،‏ بُنيت قاعة محافل عملية جميلة،‏ بـ‍ ٩٠٠ كرسي وثير من خشب السنديان،‏ في غضون سبعة اشهر.‏

وأحيانا كانت الجهود الدؤوبة في المحاكم ضرورية للحصول على رخص لبناء قاعات المحافل هذه.‏ وقد صح ذلك في كندا في ساري،‏ كولومبيا البريطانية.‏ فعند شراء الارض اجازت الشروط القانونية في المنطقة بناء مكان كهذا للعبادة.‏ ولكن بعد تقديم خرائط البناء،‏ في السنة ١٩٧٤،‏ اصدر مجلس مقاطعة ساري قانونا محليا يجيز بناء الكنائس وقاعات المحافل فقط في منطقة پ-‏٣ —‏ منطقة لم تكن موجودة!‏ إلا ان ٧٩ كنيسة كانت قد بُنيت سابقا في المدينة دون اية مشكلة.‏ فأُحيلت المسألة الى المحكمة.‏ فأُصدرت احكام متكررة لمصلحة شهود يهوه.‏ وعندما ازيل اخيرا عائق الرسميين المتحاملين،‏ تابع العمَّال المتطوعون المشروع بحماسة حتى انهم اكملوه في نحو سبعة اشهر.‏ وكما صح في جهود نحميا لاعادة بناء اسوار اورشليم القديمة،‏ شعروا بأن ‹يد اللّٰه كانت عليهم› لانجاز العمل.‏ —‏ نحميا ٢:‏١٨‏.‏

وعندما اشترى شهود يهوه في الولايات المتحدة مسرح ستانلي في جيرزي سيتي،‏ نيو جيرزي،‏ كان البناء في لائحة الاماكن التاريخية للولاية.‏ وعلى الرغم من ان المسرح كان في حالة خربة يُرثى لها،‏ إلا ان الامكانية كانت ممتازة لاستعماله كقاعة محافل.‏ ولكن عندما اراد الشهود القيام بعمل الاصلاح اللازم رفض رسميو المدينة اعطاء الرخص.‏ فالمحافظ لم يكن يرغب في وجود شهود يهوه في تلك المنطقة؛‏ وكانت لديه خطط اخرى للعقار.‏ فلزمت دعوى قضائية لردع الرسميين عن الاستعمال غير الشرعي لسلطتهم.‏ وحكمت المحكمة لمصلحة الشهود.‏ وبعد ذلك بوقت قصير صوَّت السكان المحليون لعزل المحافظ من منصبه.‏ وتقدَّم العمل في القاعة بسرعة.‏ وكانت النتيجة قاعة محافل جميلة تتسع لاكثر من ٠٠٠‏,٤.‏ انها مكان يفتخر به رجال الاعمال وسكان المدينة على حد سواء.‏

وخلال الـ‍ ٢٧ سنة الماضية،‏ في انحاء عديدة من الكرة الارضية،‏ بنى شهود يهوه قاعات محافل جذابة وعملية لتخدم كمراكز لتعليم الكتاب المقدس.‏ ومثل هذه القاعات توجد الآن بأعداد متزايدة باستمرار في اميركا الشمالية والجنوبية،‏ اوروپا،‏ افريقيا،‏ والمشرق،‏ وكذلك في جزر عديدة.‏ وفي بعض البلدان —‏ مثلا،‏ نَيجيريا،‏ ايطاليا،‏ والدنمارك —‏ بنى شهود يهوه ايضا تسهيلات في العراء،‏ دائمة،‏ وأوسع يمكن استخدامها لمحافلهم الكورية.‏

إلا ان قاعات المحافل وقاعات الملكوت ليست مشاريع البناء الوحيدة التي ينهمك فيها شهود يهوه لتعزيز المناداة بملكوت اللّٰه.‏

المكاتب،‏ المصانع،‏ وبيوت ايل حول العالم

كان هنالك في السنة ١٩٩٢ حول الكرة الارضية ٩٩ مكتب فرع لجمعية برج المراقبة،‏ وكل منها يخدم لتنسيق نشاطات شهود يهوه في ناحيته من الحقل العالمي.‏ وكان اكثر من نصف هذه الفروع يقوم بالطباعة من مختلف الانواع بغية تعزيز عمل تعليم الكتاب المقدس.‏ والعاملون في الفروع يسكنون،‏ في اغلب الاحوال،‏ كعائلة كبيرة في بيوت تدعى بيت ايل،‏ الذي يعني «بيت اللّٰه.‏» وبسبب التوسع في عدد شهود يهوه ونشاطهم الكرازي،‏ صار ضروريا ان توسَّع هذه التسهيلات وأن تُبنى تسهيلات جديدة.‏

كان نمو الهيئة سريعا جدا حتى انه كان هنالك تكرارا من ٢٠ الى ٤٠ برنامجا كهذا لتوسيع الفروع يُنفَّذ في الوقت نفسه.‏ وتطلَّب ذلك برنامج بناء امميا واسعا.‏

وبسبب المقدار الهائل من عمل البناء الجاري حول العالم،‏ لدى جمعية برج المراقبة دائرة الهندسة والرسم الخاصة بها في مركزها الرئيسي في نيويورك.‏ وقد تخلَّى مهندسون لهم سنون عديدة من الخبرة عن عملهم الدنيوي وتطوعوا للمساعدة كامل الوقت في مشاريع البناء المتعلقة مباشرة بعمل الملكوت.‏ وبالاضافة الى ذلك،‏ درَّب ذوو الخبرة رجالا ونساء آخرين في عمل الهندسة،‏ التصميم،‏ والرسم الهندسي.‏ وبتنسيق العمل من خلال هذه الدائرة يمكن للخبرة المكتسبة في بناء الفروع في ايّ جزء من العالم ان تفيد العاملين في المشاريع في بلدان اخرى.‏

وفي حينه،‏ جعل المقدار الكبير من العمل الجاري من المفيد فتح مكتب هندسة اقليمي في اليابان للمساعدة في التصاميم المعمارية المتعلقة بالمشاريع في المشرق.‏ وتعمل مكاتب هندسة اقليمية اخرى في اوروپا وأوستراليا بمجموعة مستخدَمين مأخوذين من بلدان مختلفة.‏ وتعمل هذه بتعاون لصيق مع مكتب المركز الرئيسي،‏ وخدماتها،‏ الى جانب استخدام تقنية الكمپيوتر،‏ تخفض عدد مستخدَمي الرسم الهندسي اللازم في ايّ موقع بناء معيَّن.‏

وبعض المشاريع صغيرة الحجم نسبيا.‏ وصح ذلك في مكتب الفرع المبني في تاهيتي في السنة ١٩٨٣.‏ فقد شمل فسحة مكتب،‏ مستودعات،‏ ومسكنا لثمانية عمَّال متطوعين.‏ وصح ذلك ايضا في مبنى الفرع المؤلَّف من اربع طبقات المشيَّد في جزيرة مارتينيك الكاريبية خلال السنوات ١٩٨٢ الى ١٩٨٤.‏ وهذه الابنية ربما لا تبدو غير عادية لسكان المدن الكبرى في بلدان اخرى،‏ لكنها لفتت انتباه العامة.‏ والصحيفة فرانس-‏أنتيل صرَّحت ان بناية الفرع في مارتينيك هي «تحفة في فن العمارة» تعكس «محبة عظيمة لعمل منجَز ببراعة.‏»‏

وعلى سبيل التباين من ناحية الحجم،‏ شملت المباني التي أُكملت في كندا سنة ١٩٨١ مطبعة،‏ او مصنعا،‏ بفسحة ارضية تزيد مساحتها على ٠٠٠‏,١٠٠ قدم مربعة (‏٣٠٠‏,٩ م ٢‏)‏ ومبنى سكنيا لـ‍ ٢٥٠ متطوعا.‏ وفي سيزاريو لانجي،‏ في البرازيل،‏ شمل مجمَّع برج المراقبة الذي أُكمل في تلك السنة نفسها ثمانية مبانٍ،‏ بفسحة ارضية من ٠٠٠‏,٥٠٠ قدم مربعة (‏٠٠٠‏,٤٦ م ٢‏)‏ تقريبا.‏ وتطلَّب ذلك ٠٠٠‏,١٠ حمولة شاحنة من الاسمنت،‏ الحجارة،‏ والرمل،‏ وكذلك ما يكفي من الاوتاد الخرسانية لبلوغ ضعفي ارتفاع جبل اڤرست!‏ وفي السنة ١٩٩١،‏ عندما أُنهيت مطبعة جديدة كبيرة في الفيليپين،‏ كان ضروريا تزويد بناء سكني من ١١ طابقا.‏

ولسدّ حاجات العدد المتزايد من المنادين بالملكوت في نَيجيريا،‏ بدأ مشروع بناء واسع في إيڠيدوما في السنة ١٩٨٤.‏ وكان هذا سيشمل مصنعا،‏ مبنى واسعا للمكاتب،‏ اربعة مبانٍ سكنية متصلة،‏ وتسهيلات ضرورية اخرى.‏ ووُضعت الخطط ليكون المصنع مركَّبا كاملا من اجزاء مصنوعة مقدَّما وليُشحَن من الولايات المتحدة.‏ إلا ان الاخوة آنذاك كانوا يواجهون مواعيد استيراد محدَّدة لانهاء العمل تبدو مستحيلة.‏ وعندما جرى ادراك هذه المواعيد ووصَل كل شيء بأمان الى موقع البناء،‏ لم ينسب الشهود الفضل الى انفسهم بل قدَّموا الشكر ليهوه على بركته.‏

التوسع السريع في كل الارض

لكنَّ نمو عمل المناداة بالملكوت كان سريعا حتى انه بعد التوسع الرئيسي لتسهيلات الفرع في بلد ما كثيرا ما كان ضروريا الابتداء بالبناء ثانية في غضون فترة قصيرة نسبيا.‏ تأملوا في امثلة قليلة.‏

في الپيرو أُكمل فرع جديد رائع —‏ بفسحة للمكاتب،‏ ٢٢ غرفة نوم مع تسهيلات اساسية اخرى لاعضاء عائلة البتل،‏ وقاعة ملكوت —‏ في نهاية السنة ١٩٨٤.‏ لكنَّ التجاوب مع رسالة الملكوت في بلد اميركا الجنوبية هذا كان اعظم بكثير من المتوقع.‏ فبعد اربع سنين لزم بناء مجمَّع مشابه للموجود،‏ وهذه المرة باستخدام تصميم مقاوم للزلازل.‏

أُكمل مجمَّع رحب لفرع جديد في كولومبيا في السنة ١٩٧٩.‏ وبدا انه سيزوِّد مكانا فسيحا لسنين عديدة قادمة.‏ ولكن في سبع سنين تضاعف تقريبا عدد الشهود في كولومبيا وصار الفرع الآن يطبع المجلتين برج المراقبة و استيقظ!‏ ليس فقط لكولومبيا بل ايضا لأربعة بلدان مجاورة.‏ فكان عليهم ان يبدأوا بالبناء ثانية في السنة ١٩٨٧ —‏ وهذه المرة حيث يوجد مزيد من الارض للتوسع.‏

وخلال السنة ١٩٨٠ خصص شهود يهوه في البرازيل نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,١٤ ساعة للكرازة العلنية برسالة الملكوت.‏ وارتفع الرقم الى نحو ٠٠٠‏,٠٠٠‏,٥٠ في السنة ١٩٨٩.‏ فكان المزيد من الناس يظهرون رغبة في اشباع جوعهم الروحي.‏ وتسهيلات الفرع الواسعة المدشَّنة في السنة ١٩٨١ لم تعد كافية.‏ وبحلول السنة ١٩٨٨ كان الحفر من اجل مصنع جديد جاريا.‏ وكان هذا سيزوِّد ٨٠ في المئة من الفسحة الارضية اكثر مما يزوِّده المصنع الموجود،‏ وطبعا،‏ كانت ستلزم ايضا تسهيلات سكن لايواء عائلة البتل النامية.‏

وفي زلترس/‏تاونوس،‏ المانيا،‏ دُشِّن في السنة ١٩٨٤ ثاني اكبر مجمَّع طباعة لجمعية برج المراقبة.‏ وبعد خمس سنين،‏ بسبب الزيادات في المانيا وكذلك فرص توسيع عمل الشهادة في البلدان التي يقوم الفرع هناك بطبع مطبوعات لها،‏ كانت الخطط توضع لتوسيع المصنع بنسبة تزيد على ٨٥ في المئة ولاضافة تسهيلات سكن اخرى.‏

وفرع اليابان انتقل من طوكيو الى تسهيلات جديدة واسعة في نومازو في السنة ١٩٧٢.‏ وكان هنالك توسع رئيسي اضافي في السنة ١٩٧٥.‏ وبحلول السنة ١٩٧٨ كان قد جرى الحصول على قطعة ارض اخرى،‏ في ايبينا؛‏ وسرعان ما ابتدأ بناء مصنع اكبر من ذاك الذي في نومازو بأكثر من ثلاثة اضعاف.‏ وأُكمل هذا في السنة ١٩٨٢.‏ ومع ذلك لم يكن كافيا؛‏ فأُضيف مزيد من الابنية بحلول السنة ١٩٨٩.‏ أفما كان ممكنا صنع بناء كبير كفاية مرة واحدة؟‏ كلا.‏ فقد تضاعف عدد المنادين بالملكوت في اليابان مرة بعد اخرى بطريقة لم يكن ممكنا لأيّ انسان ان يتوقعها.‏ فمن ١٩٩‏,١٤ في السنة ١٩٧٢،‏ ارتفعت صفوفهم الى ٩٤١‏,١٣٧ في السنة ١٩٨٩،‏ وكان جزء كبير منهم يخصص كامل الوقت للخدمة.‏

ويُرى نموذج مماثل في انحاء اخرى من الكرة الارضية.‏ ففي غضون عقد —‏ وأحيانا في غضون بضع سنين —‏ بعد بناء فروع كبيرة مجهَّزة للطبع،‏ كان ضروريا اجراء توسيع رئيسي.‏ وقد صح ذلك في المكسيك،‏ كندا،‏ جنوب افريقيا،‏ وجمهورية كوريا،‏ بين بلدان اخرى.‏

فمَن يقوم بعمل البناء الفعلي؟‏ وكيف ينجَز ذلك كله؟‏

آلاف عديدة تواقون الى المساعدة

في السويد،‏ تطوع من الـ‍ ٠٠٠‏,١٧ شاهد في البلد وقت بناء فرعهم في اربوڠا نحو ٠٠٠‏,٥ للمساعدة في العمل.‏ وكان معظمهم معاونين طوعيين،‏ ولكن كان هنالك ايضا عدد كافٍ من الحِرَفيين المهرة جدا ليتأكدوا من القيام بالعمل بشكل صحيح.‏ ودافعهم؟‏ المحبة ليهوه.‏

عندما سمع رسمي في مكتب مسَّاح للاراضي في الدنمارك ان عمل بناء فرع جديد في هَلْبيك سينجزه كله شهود يهوه،‏ عبَّر عن شكوكه.‏ إلا انه بين الشهود الذين تطوعوا للمساعدة كانت كل المهارات اللازمة موجودة.‏ ولكن،‏ هل كانت الحال ستبدو افضل لو ان متعهدين تجاريين كُلِّفوا بالمهمة؟‏ بعد اكمال المشروع قام خبراء من دائرة البناء في البلدة بجولة في المبنى والاراضي التابعة له وعلَّقوا على جودة العمل —‏ شيء نادرا ما يرونه في الاعمال التجارية في الوقت الحاضر.‏ أما الرسمي الذي عبَّر سابقا عن شكوكه فابتسم وقال:‏ «في ذلك الوقت لم اكن اعرف نوع الهيئة التي لديكم.‏»‏

ان المدن الآهلة بالسكان في اوستراليا متفرقة بصورة واسعة؛‏ ولذلك فان معظم الـ‍ ٠٠٠‏,٣ الذين تطوعوا للعمل في بناء تسهيلات الفرع في إنڠِلبرْن بين السنة ١٩٧٨ والسنة ١٩٨٣ كان يجب ان يسافروا ٠٠٠‏,١ ميل (‏٦٠٠‏,١ كلم)‏ على الاقل.‏ إلا ان السفر بالباص لفرق المتطوعين جرى تنسيقه،‏ وفي طريقهم كانت الجماعات تعرض بروح الضيافة ان تزوِّد وجبات الطعام والمعاشرة للاخوة عند محطات الاستراحة.‏ وبعض الاخوة باعوا بيوتهم،‏ اغلقوا مؤسساتهم التجارية،‏ اخذوا عُطَلهم،‏ وقاموا بتضحيات اخرى بغية الاشتراك في المشروع.‏ وفرق الحِرَفيين ذوي الخبرة اتوا —‏ وبعضهم اكثر من مرة —‏ لصبّ الخرسانة،‏ تركيب السقوف،‏ اقامة السياجات.‏ وآخرون وهبوا المواد.‏

وغالبية المتطوعين في هذه المشاريع كانت تنقصهم المهارة،‏ ولكن بقليل من التدريب تولَّى بعضهم مسؤوليات كبيرة وأنجزوا عملا ممتازا.‏ فقد تعلَّموا كيف يصنعون الشبابيك،‏ يشغِّلون الجرَّارات،‏ يخلطون الخرسانة،‏ ويَصُفُّون الطوب.‏ وتفوقوا بشكل واضح على غير الشهود الذين ينجزون العمل نفسه تجاريا.‏ بأية طريقة؟‏ كان ذوو الخبرة على استعداد للاشتراك في معرفتهم.‏ فلا احد كان يخشى ان يأخذ شخص آخر عمله؛‏ وكان هنالك عمل كثير لكل فرد.‏ وكان الحافز قويا الى القيام بعمل رفيع النوعية،‏ لأنه كان يُنجَز تعبيرا عن المحبة للّٰه.‏

وفي جميع مواقع البناء يشكِّل بعض الشهود نواة «عائلة» البناء.‏ فخلال العمل في زلترس/‏تاونوس،‏ المانيا،‏ من السنة ١٩٧٩ الى السنة ١٩٨٤،‏ كان عدة مئات عموما يؤلفون نواة العمَّال هذه.‏ وانضم اليهم آلاف الاشخاص الآخرين لفترات مختلفة من الوقت،‏ وكثيرون في نهايات الاسابيع.‏ وكان هنالك تخطيط دقيق حتى انه عند وصول المتطوعين كان هنالك الكثير ليقوموا به.‏

ما دام الناس ناقصين ستكون هنالك مشاكل،‏ لكنَّ الذين يعملون في هذه المشاريع يحاولون حلّها على اساس مبادئ الكتاب المقدس.‏ وهم يعرفون ان فعل الامور بطريقة مسيحية اهم من سرعة الانجاز.‏ وكمذكِّر،‏ كانت هنالك في موقع البناء في ايبينا،‏ اليابان،‏ لافتات كبيرة عليها صور عمَّال بقبعات صلبة،‏ وعلى كلٍّ من القبعات الصلبة كُتبت بأحرف يابانية احدى ثمار روح اللّٰه:‏ محبة،‏ فرح،‏ سلام،‏ طول اناة،‏ لطف،‏ صلاح،‏ ايمان،‏ وداعة،‏ ضبط نفس.‏ (‏غلاطية ٥:‏​٢٢،‏ ٢٣‏،‏ ع‌ج‏)‏ والذين يزورون مواقع العمل يمكنهم ان يروا ويسمعوا الفَرق.‏ واذ عبَّر عن ملاحظاته الخاصة،‏ قال مراسل صحفي جال في موقع بناء الفرع في البرازيل:‏ «لا توجد فوضى او نقص في التعاون .‏ .‏ .‏ هذا الجو المسيحي يجعل الامر مختلفا هنا عما يُرى عادةً في مجال البناء التجاري البرازيلي.‏»‏

النمو المستمر في المركز الرئيسي العالمي

فيما كانت فروع جمعية برج المراقبة تنمو،‏ صار ضروريا ايضا توسيع تسهيلات المركز الرئيسي العالمي.‏ فأُلحِقت اقسام اضافية رئيسية بمصنعه ومكاتبه في بروكلين وفي مواقع اخرى في ولاية نيويورك اكثر من عشر مرات منذ الحرب العالمية الثانية.‏ ولايواء المستخدَمين كان ضروريا بناء او شراء وتجديد ابنية عديدة،‏ كبيرة وصغيرة.‏ وأُعلن عن توسيع رئيسي اضافي في بروكلين في آب ١٩٩٠ وفي كانون الثاني ١٩٩١ —‏ مع ان عمل البناء شمالي مدينة نيويورك الذي ابتدأ سنة ١٩٨٩ كان مستمرا في المركز الثقافي لبرج المراقبة الواسع،‏ المصمَّم لسكن ٢٠٠‏,١ شخص،‏ بمن فيهم هيئة المستخدَمين والتلاميذ المقيمين.‏

منذ السنة ١٩٧٢ لم يكن هنالك ايّ تراخٍ في عمل البناء في المركز الرئيسي في بروكلين والتسهيلات المقترنة به بشكل وثيق في انحاء اخرى من نيويورك وفي نيو جيرزي.‏ وفي حينه صار واضحا انه على الرغم من ان عددهم بلغ المئات،‏ لم يكن عمَّال البناء القانونيون قادرين على مماشاة العمل.‏ ولذلك في السنة ١٩٨٤ تأسس برنامج متقدِّم للعمَّال الوقتيين.‏ فأُرسلت رسائل الى الـ‍ ٠٠٠‏,٨ جماعة الموجودة آنذاك في الولايات المتحدة لدعوة اخوة اكفاء الى المجيء لاسبوع او اكثر للمساعدة.‏ (‏كان قد نجح تماما برنامج مماثل في بعض الفروع،‏ بما فيها اوستراليا،‏ حيث دُعي الى التطوع اولئك القادرون على البقاء اسبوعين.‏)‏ وكان العمَّال سيزوَّدون بالمسكن ووجبات الطعام لكنهم كانوا سيدفعون نفقات سفرهم دون ان ينالوا اية اجرة.‏ فمَن كان سيتجاوب؟‏

بحلول السنة ١٩٩٢ كان قد عولج اكثر من ٠٠٠‏,٢٤ طلب!‏ وكان ٩٠٠‏,٣ منها على الاقل لاشخاص يعودون للمرة الثانية او الثالثة،‏ وحتى العاشرة او العشرين.‏ وكان معظمهم شيوخا،‏ خداما مساعدين،‏ او فاتحين —‏ اشخاصا بمؤهلات روحية رائعة.‏ وجميعهم كانوا يتطوعون للقيام بكل ما يلزم،‏ سواء تطلَّب ذلك منهم استعمال مهنتهم او لا.‏ وغالبا ما كان العمل شاقا ومضنيا.‏ لكنهم حسبوه امتيازا ان يساهموا بهذه الطريقة في تقدُّم مصالح الملكوت.‏ وشعر البعض بأن ذلك ساعدهم ان يقدِّروا بشكل افضل روح التضحية بالذات التي تميِّز العمل الجاري في المركز الرئيسي العالمي.‏ وشعر الجميع بأنهم كوفئوا بسخاء نتيجة حضورهم برنامج العبادة الصباحية لعائلة البتل ودرس برج المراقبة العائلي الاسبوعي.‏

متطوعون امميون

واذ ازدادت الحاجة الى توسع سريع،‏ ابتدأ الترتيب لمتطوعين امميين في السنة ١٩٨٥.‏ ولم يكن ذلك على الاطلاق بداية تعاون اممي في البناء،‏ ولكنَّ الترتيب صار الآن ينسَّق بدقة من المركز الرئيسي.‏ وجميع المشتركين هم شهود يتطوعون للمساعدة في عمل البناء خارج بلدهم.‏ وهم عمَّال مهرة،‏ وكذلك زوجات يذهبن مع ازواجهن للمساعدة بأية طريقة ممكنة.‏ ومعظمهم يدفعون نفقات سفرهم؛‏ ولا احد ينال اجرا مقابل ما يفعله.‏ وبعضهم يذهبون على اساس فترة قصيرة،‏ ماكثين عادةً من اسبوعين الى ثلاثة اشهر.‏ وآخرون يتطوعون لفترة طويلة،‏ باقين سنة او اكثر،‏ وربما حتى اكمال المشروع.‏ وقد اشترك في ذلك ما يزيد على ٠٠٠‏,٣ شاهد ليهوه من ٣٠ بلدا مختلفا خلال السنوات الخمس الاولى،‏ وكان عدد اكبر تواقين الى الاشتراك عند الحاجة الى مهاراتهم.‏ وهم يحسبونه امتيازا ان يعطوا من انفسهم ومواردهم لتقدُّم مصالح ملكوت اللّٰه بهذه الطريقة.‏

والمتطوعون الامميون يزوَّدون بمكان للمكوث وبوجبات الطعام.‏ ووسائل الراحة غالبا ما تكون في الحدّ الادنى.‏ والشهود المحليون يقدِّرون كثيرا ما يفعله اخوتهم الزائرون،‏ وحيثما امكن،‏ يرحِّبون بهم ليشاركوهم في بيوتهم،‏ مهما كانت هذه متواضعة.‏ وفي اغلب الاحيان يجري تناول وجبات الطعام في موقع العمل.‏

والاخوة من خارج البلاد ليسوا هناك ليقوموا بالعمل كله.‏ فهدفهم هو العمل مع فريق البناء المحلي.‏ والمئات وحتى الآلاف الآخرون في البلد يمكن ايضا ان يأتوا للمساعدة في نهايات الاسابيع او لاسبوع او اكثر كل مرة.‏ ففي الارجنتين عمل ٢٥٩ متطوعا من بلدان اخرى مع عدة آلاف من الاخوة المحليين،‏ بعضهم كانوا في العمل كل يوم،‏ وآخرون عدة اسابيع،‏ وعدد اكبر بكثير في نهايات الاسابيع.‏ وفي كولومبيا ساعد اكثر من ٨٣٠ متطوعا امميا لفترات متفاوتة من الوقت.‏ وكان هنالك ايضا اكثر من ٢٠٠ متطوع محلي اشتركوا في المشروع كامل الوقت و ٢٥٠ آخرون او اكثر ساعدوا في نهاية كل اسبوع.‏ فاشترك ما مجموعه اكثر من ٦٠٠‏,٣ فرد مختلف.‏

واختلاف اللغة يمكن ان ينشئ المشاكل،‏ لكنه لا يمنع الفرق الاممية من العمل معا.‏ فلغة الاشارات،‏ تعابير الوجه،‏ روح الفكاهة السليمة،‏ والرغبة في انجاز عمل يكرم يهوه تساعد على انجاز العمل.‏

والنمو البارز في الهيئة —‏ وبالتالي الحاجة الى تسهيلات اوسع للفروع —‏ يجري اختباره احيانا في البلدان حيث عدد الاشخاص المهرة في حِرَف البناء محدود.‏ لكنَّ ذلك ليس عائقا بين شهود يهوه،‏ الذين يساعدون بسرور بعضهم بعضا.‏ فهم يعملون معا كجزء من عائلة عالمية النطاق لا تفرِّقها القومية،‏ لون البشرة،‏ او اللغة.‏

وفي پاپوا غينيا الجديدة،‏ درَّب كلٌّ من المتطوعين الآتين من اوستراليا ونيوزيلندا واحدا من ابناء پاپوا غينيا الجديدة في حرفته الخاصة،‏ انسجاما مع طلب دائرة العمل الحكومية.‏ وبهذه الطريقة،‏ فيما كانوا يعطون من انفسهم،‏ تعلَّم الشهود المحليون حِرَفا يمكن ان تساعدهم على الاعتناء بحاجاتهم وحاجات عائلاتهم.‏

وعندما لزم فرع جديد في السلڤادور،‏ انضمَّ الى الاخوة المحليين ٣٢٦ متطوعا من خارج البلاد.‏ ومن اجل المشروع في الإكوادور عمل ٢٧٠ شاهدا من ١٤ بلدا جنبا الى جنب مع اخوتهم وأخواتهم الإكوادوريين.‏ وبعض المتطوعين الامميين ساعدوا في عدة مشاريع كانت قيد التنفيذ في الوقت نفسه.‏ فتعاقبوا في مواقع البناء في اوروپا وافريقيا،‏ بحسب الحاجة الى مهاراتهم الحِرَفية.‏

وبحلول السنة ١٩٩٢ كان قد أُرسِل متطوعون امميون الى ٤٩ موقع فرع لمساعدة فرق البناء المحلية.‏ وفي بعض الحالات تمكَّن اولئك الذين نالوا المساعدة من هذا البرنامج بدورهم من تزويد العون للآخرين.‏ وهكذا،‏ اذ استفادوا من جهود نحو ٦٠ خادما امميا متطوعا لفترة طويلة ممَّن ساعدوا في مشروع بناء الفرع في الفيليپين،‏ وكذلك اكثر من ٢٣٠ متطوعا من خارج البلاد ممَّن ساعدوا لفترات اقصر،‏ جعل بعض الفيليپينيين انفسهم متوافرين للمساعدة في بناء تسهيلات في انحاء اخرى من جنوب شرق آسيا.‏

يقوم شهود يهوه بعمل البناء بسبب الحاجات التي تنشأ الآن في ما يتعلق بالكرازة بالبشارة.‏ وبمساعدة روح يهوه يريدون ان يعطوا اعظم شهادة ممكنة خلال الوقت الباقي قبل هرمجدون.‏ وهم مقتنعون بأن عالم اللّٰه الجديد قريب جدا،‏ ويؤمنون بأنهم سينجون كشعب منظَّم الى ذلك العالم الجديد،‏ تحت حكم ملكوت اللّٰه المسيَّاني.‏ ورجاؤهم ايضا هو انه ربما يبقى الكثير من التسهيلات البديعة التي بنوها ووقفوها لخدمة يهوه لتُستخدم بعد هرمجدون كمراكز يمكن ان تنتشر منها معرفة الاله الحقيقي الوحيد حتى تملأ الارض فعلا.‏ —‏ اشعياء ١١:‏٩‏.‏

‏[الحاشية]‏

^ كان معروفا بكنيسة «النور الجديد،‏» لأن الذين كانوا يجتمعون هناك شعروا بأنه نتيجة لقراءة مطبوعات برج المراقبة صار لديهم نور جديد في ما يتعلق بالكتاب المقدس.‏

‏[النبذة في الصفحة ٣٢٢]‏

كان الشهود من الجماعات المجاورة يساعدون في العمل

‏[النبذة في الصفحة ٣٢٣]‏

قام بعمل البناء عمَّال طوعيون غير مأجورين

‏[النبذة في الصفحة ٣٢٤]‏

كان يُشدَّد على الصفات الروحية

‏[النبذة في الصفحة ٣٢٦]‏

بناء ذو نوعية جيدة،‏ السلامة،‏ حد ادنى من الكلفة،‏ السرعة

‏[النبذة في الصفحة ٣٢٨]‏

قاعة محافل قابلة للنقل!‏

‏[النبذة في الصفحة ٣٣١]‏

اللجوء الى المحاكم

‏[النبذة في الصفحة ٣٣٢]‏

توسُّع اممي على نطاق كبير

‏[النبذة في الصفحة ٣٣٣]‏

العمَّال نسبوا الفضل الى يهوه،‏ لا الى انفسهم

‏[النبذة في الصفحة ٣٣٤]‏

النمو بنسبة لم يكن ممكنا لأيّ انسان ان ينبئ بها

‏[النبذة في الصفحة ٣٣٦]‏

حسبوه امتيازا ان يساعدوا في البناء في المركز الرئيسي

‏[النبذة في الصفحة ٣٣٩]‏

يعملون كعائلة عالمية النطاق لا تفرِّقها القومية،‏ لون البشرة،‏ او اللغة

‏[الاطار/‏الصور في الصفحتين ٣٢٠ و ٣٢١]‏

العمل معا لبناء قاعات ملكوت بسرعة

تتشكَّل آلاف الجماعات الجديدة كل سنة.‏ وفي معظم الحالات يبني الشهود انفسهم قاعات الملكوت الجديدة.‏ وهذه الصور أُخذت في اثناء بناء قاعة ملكوت في كونكتيكُت،‏ الولايات المتحدة الاميركية،‏ في السنة ١٩٩١

الجمعة ٤٠:‏٧ صباحا

الجمعة ١٢ ظهرا

السبت ٤١:‏٧ مساء

العمل الرئيسي أُكمل،‏ الاحد ١٠:‏٦ مساء

يتطلعون الى يهوه من اجل بركته،‏ ويغتنمون الفرصة لمناقشة المشورة من كلمته

الجميع متطوعون غير مأجورين،‏ سعداء بالعمل جنبا الى جنب

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٢٧]‏

قاعات الملكوت في بلدان مختلفة

اماكن الاجتماعات التي يستخدمها شهود يهوه متواضعة عادةً.‏ وهي نظيفة،‏ مريحة،‏ جذابة في محيطها

پيرو

الفيليپين

فرنسا

جمهورية كوريا

اليابان

پاپوا غينيا الجديدة

ايرلندا

كولومبيا

النَّروج

ليسوتو

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٣٠]‏

قاعات المحافل لشهود يهوه

من اجل عقد محافلهم الدورية،‏ وجد شهود يهوه في بعض المناطق انه من العملي بناء قاعات محافل خاصة بهم.‏ والكثير من عمل البناء يقوم به الشهود المحليون.‏ هنا مجرد القليل من هذه القاعات قيد الاستعمال في اوائل تسعينات الـ‍ ١٩٠٠

بريطانيا

ڤنزويلا

ايطاليا

المانيا

كندا

اليابان

‏[الاطار/‏الصور في الصفحة ٣٣٨]‏

برنامج البناء الاممي يسدّ الحاجات الملحَّة

نمو الهيئة السريع تطلَّب توسيعا مستمرا للمكاتب،‏ المصانع،‏ وبيوت ايل حول الارض

متطوعون امميون يقدِّمون العون للشهود المحليين

اسپانيا

اساليب البناء المستخدَمة تجعل من الممكن لمتطوعين عديدين بخبرة محدودة ان يقوموا بعمل قيِّم

پورتوريكو

عمَّال مهرة يجعلون خدماتهم متوافرة بسرور

نيوزيلندا

اليونان

البرازيل

استعمال مواد متينة يُبقي تكاليف الصيانة الطويلة الامد منخفضة

بريطانيا

عمل رفيع النوعية يَنتج من الاهتمام الشخصي من جهة الذين يقومون به؛‏ وهذا هو تعبير عن محبتهم ليهوه

كندا

هذه المشاريع هي مناسبات مبهجة؛‏ تُصنَع صداقات دائمة عديدة

كولومبيا

لافتة في اليابان ذكَّرت العمَّال باجراءات السلامة،‏ وأيضا بالحاجة الى اظهار ثمار روح اللّٰه

‏[الصورة في الصفحة ٣١٨]‏

المبنى الاول الذي دُعي قاعة الملكوت،‏ في هاوايي

‏[الصورتان في الصفحة ٣١٩]‏

العديد من قاعات الملكوت الباكرة كان ابنية مستأجرة او مجرد غرف فوق مخازن؛‏ والقليل بناه الشهود

‏[الصورتان في الصفحة ٣٢٩]‏

اثنتان من قاعات المحافل الاولى

مدينة نيويورك

ڠوادلوپ

‏[الصورتان في الصفحة ٣٣٧]‏

عمَّال بناء وقتيون وصلوا حديثا في المركز الرئيسي العالمي في نيويورك

يُذكَّر كل فريق بأن كون المرء شخصا روحيا وانجاز عمل جيد النوعية يفوقان اهمية انجاز العمل بسرعة